المهاجرين، ولم يعتبرهم من الأنصار، ولا ندري إن كان ذلك منه (صلى الله عليه وآله) وهو الذي كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق الماحة إلى سياسة الاستئثار والتجني التي سوف ينتهجها الحكام تجاه الأنصار، لصالح المهاجرين، وهو بذلك يبذل محاولة لاعطاء المبررات المنطقية لإدانة تلك السياسة الظالمة وإظهار بعدها عن النزاهة، وعن العدالة.
وقد رأيناه (صلى الله عليه وآله) قد اعتبر أن كل من دخل في الاسلام طوعا فهو مهاجري (1) حسبما روي عنه.
وهذا بدوره إدانة أخرى لتلك السياسات التي انتهجها الخليفة الثاني بعده لصالح المهاجرين ضد الأنصار، بهدف تكريس الحكم في هذا الفريق الذي يهتم الخليفة الثاني بأمره، ويرسم لذلك الخطط، ويضع له المناهج. وقد أشرنا إلى شئ مما حاق بالأنصار في الجزء الرابع من هذا الكتاب فليراجعه من أراد، وتحدثنا عن جانب من هذه السياسات في كتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن (عليه السلام).
2 - إننا نلاحظ: أن هذه الوفود قد بدأت في السنة الخامسة، وذلك يدل على أن الناس قد بدأوا يشعرون بقوة الاسلام، وشوكته، وأصبح واضحا لديهم: أن قريشا. بكل جبروتها وقوتها ونفوذها قد باتت عاجزة عن تسديد ضربة قاضية لهذا الدين الجديد رغم أنها قد ألحقت بالمسلمين خسائر كبيرة في حرب أحد، ولكن تحرك النبي (صلى الله عليه وآله) في غزوة حمراء الأسد وفي غيرها وحتى في حرب أحد بالذات قد ضبع عليها قرص تكريس النصر لها كما هو معلوم. وإذن، فقد كان من الطبيعي أن يظهر من يرغب بالاسلام إسلامه، دونما خوف أو جل.
كما أن من الطبيعي أن يخطب أولئك الذي يعيشون في المنطقة ود