إبراهيم الحربي وغيره: ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد. وقال غيره: كان أحد حفاظ الاسلام للحديث وعلله وسنده. وكان في أعلا درجة النسك والعفاف والصلاح والورع من فرسان الحديث. وقال غيره: كان ابن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته، وكان علقمة يشبهه، وكان إبراهيم يشبه علقمة، وكان منصور يشبه إبراهيم، وكان سفيان يشبه منصور، وكان وكيع يشبه سفيان كان أحمد يشبه وكيعا،، وكان أبو داود يشبه أحمد بن حنبل. وقال محمد بن بكر بن عبد الرزاق: كان لأبي داود كم واسع وكم ضيق فقيل له: ما هذا يرحمك الله؟ فقال: هذا الواسع للكتب والآخر لا يحتاج إليه.
وقد كان مولد أبي داود في سنة ثنتين ومائتين، وتوفي بالبصرة يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شوال سنة خمس وسبعين ومائتين عن ثلاث وسبعين سنة، ودفن إلى جانب قبر سفيان الثوري. وقد ذكرنا ترجمته في التكميل وذكرنا ثناء الأئمة عليه.
وفيها توفي محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن العنبس الضميري (1) الشاعر، كان دينا كثير الملح، وكان هجاء، ومن جيد شعره قوله:
كم عليل عاش من بعد يأس * بعد موت الطبيب والعواد قد تصاد القطا فتنجو سريعا * ويحل البلاء بالصياد ثم دخلت سنة ست وسبعين ومائتين في المحرم منها أعيد عمرو بن الليث إلى الشرطة بغداد وكتب اسمه على الفرش والمقاعد والستور ثم أسقط اسمه عن ذلك وعزل وولي عبيد الله بن طاهر (2). وفيها ولي الموفق لابن أبي الساج نيابة أذربيجان. وفيها قصد هارون الشاري الخارجي مدينة الموصل فنزل شرقيها فحاصرها فخرج إليه أهلها فاستأمنوه فأمنهم ورجع عنهم. وفيها حج بالناس هارون بن محمد العباسي أمير الحرمين والطائف، ولما رجع حجاج اليمن نزلوا في بعض الأماكن فجاءهم سيل لم يشعروا به ففرقهم كلهم لم يفلت منهم أحد فإنا لله وإنا إليه راجعون. وذكر ابن الجوزي في منتظمه وابن الأثير في كامله أن في هذه السنة انفرج تل بنهر الصلة في أرض البصرة يعرف بتل بني شقيق عن سبعة أقبر في مثل الحوض، وفيها سبعة أبدان صحيحة أجسادهم وأكفانهم يفوح منهم ريح المسك، أحدهم شاب وله جمة وعلى شفته بلل كأنه قد شرب ماء الآن، وكأن عينيه مكحلتان وبه ضربة في خاصرته، وأراد أحدهم أن .