ثم إنهم تزاحفوا في المحرم في آخره في اليوم الذي هزم فيه أهل العراق أهل الشام فنكصت ميمنتهم وميسرتهم واضطربت رماحهم وتقوض صفهم حتى دنوا منا فلما رأى الحجاج ذلك جثا على ركبتيه وانتضى نحوا من شبر من سيفه وقال لله در مصعب ما كان أكرمه حين نزل به ما نزل فعلمت أنه والله لا يريد أن يفر قال فغمزت أبى بعيني ليأذن لي فيه فأضربه بسيفي فغمزني غمزة شديدة فسكنت وحانت منى التفاتة فإذا سفيان بن الأبرد الكلبي قد حمل عليهم فهزمهم من قبل الميمنة فقلت أبشر أيها الأمير فإن الله قد هزم العدو فقال لي قم فانظر قال فقمت فنظرت فقلت قد هزمهم الله قال قم يا زياد فانظر قال فقام فنظر فقال الحق أصلحك الله يقينا قد هزموا فخر ساجدا فلما رجعت شتمني أبى وقال أردت أن تهلكني وأهل بيتي وقتل في المعركة عبد الرحمن بن عوسجة أبو سفيان النهمي وقتل عقبة بن عبد الغافر الأزدي ثم الجهضمي في أولئك القراء في ربضة واحدة وقتل عبد الله بن رزام الحارثي وقتل المنذر بن الجارود وقتل عبد الله ابن عامر بن مسمع وأتى الحجاج برأسه فقال ما كنت أرى هذا فارقني حتى جاءني الآن برأسه وبارز سعيد بن يحيى بن سعيد بن العاص رجلا يومئذ فقتله وزعموا أنه كان مولى للمفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب كان شجاعا يدعى نصيرا فلما رأى مشيته بين الصفين وكان يلومه على مشيته قال لا ألومه على هذه المشية أبدا وقتل الطفيل بن عامر بن واثلة وقد كان قال وهو بفارس يقبل مع عبد الرحمن بن كرمان إلى الحجاج ألا طرقتنا بالغريين بعد ما * كللنا على شحط المزار جنوب أتوك يقودون المنايا وإنما * هدتها بأولانا إليك ذنوب ولا خير في الدنيا لمن لم يكن له * من الله في دار القرار نصيب ألا أبلغ الحجاج أن قد أظله * عذاب بأيدي المؤمنين مصيب متى نهبط المصرين يهرب محمد * وليس بمنجى ابن اللعين هروب قال منيتنا أمرا كان في علم الله إنك أولى به فعجل لك في الدنيا وهو معذبك
(١٥٢)