المنادى يا خيل الله اركيى وأبشري كان أول فارس من أهل العسكر يبدر إلى موقف البأس عند الروع محمد بن عبد الرحمن بن أبي سبرة فنودي ذات يوم في الناس فبدر الناس ابن أبي سبرة فإنه لواقف على تل إذ مر به عثمان بن المفضل فقال له يا ابن أبي سبرة ما قدرت على أن أسبقك إلى الموقف قط فقال وما يغنى ذلك عنى وأنتم ترشحون غلمان مذحج وتجهلون حق ذوي الأسنان والتجارب والبلاء فقال أما إنك لو تريد ما قبلنا لم نعدل عنك ما أنت له أهل قال وخرج الناس فاقتتلوا قتالا شديدا فحمل محمد بن أبي سبرة على تركي قد صد الناس عنه فاختلفا ضربتين فثبت سيف التركي في بيضة ابن أبي سبرة وضربه ابن أبي سبرة فقتله ثم أقبل وسيفه في يده يقطر دما وسيف التركي في بيضته فنظر الناس إلى أحسن منظر رأوه من فارس ونظر يزيد إلى ائتلاق السيفين والبيضة والسلاح فقال من هذا فقالوا ابن أبي سبرة فقال لله أبوه أي رجل هو لولا إسرافه على نفسه وخرج يزيد بعد ذلك يوما وهو يرتاد مكانا يدخل منه على القوم فلم يشعر بشئ حتى هجم عليه جماعة من الترك وكان معه وجوه الناس وفرسانهم وكان في نحو من أربعمائة والعدو في نحو من أربعة آلاف فقاتلهم ساعة ثم قالوا ليزيد أيها الأمير انصرف ونحن نقاتل عنك فأبى أن يفعل وغشى القتال يومئذ بنفسه وكان كأحدهم وقاتل ابن أبي سبرة وابنا زحر والحجاج ابن جارية الخثعمي وجل أصحابه فأحسنوا القتال حتى إذا أرادوا الانصراف جعل الحجاج ابن جارية على الساقة فكان يقاتل من ورائه حتى انتهى إلى الماء وقد كانوا عطشوا فشربوا وانصرف عنهم العدو ولم يظفروا منهم بشئ فقال سفيان بن صفوان الخثعمي لولا ابن جارية الأغر جبينه * لسقيت كأسا مرة المتجرع وحماك في فرسانه وخيوله * حتى وردت الماء غير متعتع ثم إنه ألح عليها وأنزل الجنود من كل جانب حولها وقطع عنهم المواد فلما جهدوا وعجزوا عن قتال المسلمين واشتد عليهم الحصار والبلاء بعث صول دهقان دهستان إلى يزيد إني أصالحك على أن تؤمنني على نفسي وأهل بيتي ومالي وأدفع
(٢٩٤)