للحملة عليهم فقال لنا جبلة إذا حملتم عليهم فاحملوا حملة صادقة ولا تردوا وجوهكم عنهم حتى تواقعوا صفهم قال فحملنا عليهم حملة بجد منا في قتالهم وقوة منا عليهم فضربنا الكتائب الثلاث حتى اشفترت ثم مضينا حتى واقعنا صفهم فضربناهم حتى أزلناهم عنه ثم انصرفنا فمررنا بجبلة صريعا لا ندري كيف قتل قال فهدنا ذلك وجبنا فوقفنا موقفنا الذي كنا به وإن قراءنا لمتوافرون ونحن نتناعى جبلة بن زحر بيننا كأنما فقد به كل واحد منا أباه أو أخاه بل هو في ذلك الموطن كان أشد علينا فقدا فقال لنا أبو البختري الطائي لا يستبيتن فيكم قتل جبلة بن زحر فإنما كان كرجل منكم أتته منيته ليومها فلم يكن ليتقدم يومه ولا ليتأخر عنه وكلكم ذائق ما ذاق ومدعو فمجيب قال فنظرت إلى وجوه القراء فإذا الكآبة على وجوههم بينة وإذا ألسنتهم منقطعة وإذا الفشل فيهم قد ظهر وإذا أهل الشأم قد سروا وجذلوا فنادوا يا أعداء الله قد هلكتم وقد قتل الله طاغوتكم (قال أبو مخنف) فحدثني أبو يزيد السكسكي أن جبلة حين حمل هو وأصحابه علينا انكشفنا وتبعونا وافترقت منا فرقة فكانت ناحية فنظرنا فإذا أصحابه يتبعون أصحابنا وقد وقف لأصحابه ليرجعوا إليه على رأس رهوة فقال بعضنا هذا والله جبلة بن زحرا حملوا عليه ما دام أصحابه مشاغيل بالقتال عنه لعلكم تصيبونه قال فحملنا عليه فأشهد ما ولى ولكن حمل علينا بالسيف * فلما هبط من الرهوة شجرناه بالرماح فأذريناه عن فرسه فوقع قتيلا ورجع أصحابه فلما رأيناهم مقبلين تنحينا عنهم فلما رأوه قتيلا رأينا من استرجاعهم وجزعهم ما قرت به أعيننا قال فتبينا ذلك في قتالهم إيانا وخروجهم إلينا (قال أبو مخنف) حدثني سهم بن عبد الرحمن الجهني قال لما أصيب جبلة هد الناس مقتله حتى قدم علينا بسطام بن مصقلة بن هبيرة الشيباني فشجع الناس مقدمه وقالوا هذا يقوم مقام جبلة فسمع هذا القول من بعضهم أبو البختري فقال قبحتم إن قتل منكم رجل واحد ظننتم أن قد أحيط بكم فان قتل الان ابن مصقلة ألقيتم بأيديكم إلى التهلكة وقلتم لم يبق أحد يقاتل معه ما أخلقكم أن يخلف رجاؤنا فيكم وكان مقدم بسطام من الري فالتقى هو وقتيبة
(١٦٤)