إذ لا فرق بين الجميع في ذلك ف (يباع) حينئذ (بالذهب والفضة) مثلا (معا أو بعوض غيرهما) وبأحدهما مع القطع بزيادته على مجانسه، أو بضم جنس آخر من نحاس أو غيره عليه، والأمر ببيعه بالطعام في الخبرين الآتيين (1) دفعا لكلفة مشقة تحصيل العلم بالزيادة لو أريد بيعه بأحد الجوهرين لا أنه يتعين ذلك فيه للاجماع على خلافه.
إنما الكلام في حكمه باعتبار أنه مجتمع من مال الناس غالبا - وظاهر المتن وغيره بل قيل إنه لا خلاف فيه أنه مجهول المالك فيتصدق به أو يباع (ثم يتصدق به لأن أربابه لا يتميزون) غالبا ولو في محصور قال علي بن ميمون الصايغ (2) (سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما أصنع به؟ قال: تصدق به، فإما لك وإما لأهله، فقلت له: فإن كان فيه ذهب وفضة وحديد فبأي شئ أبيعه؟ قال: بعه بطعام، قلت: فإن كان لي قرابة محتاج أعطيه منه؟ قال: نعم) وفي خبره الآخر (3) (سألته عن تراب الصواغين و إنا نبيعه، قال: أما تستطيع أن تستحله من صاحبه قال: قلت لا، إذا أخبرته اتهمني، قال:
بعه، قلت: فبأي شئ نبيعه؟ قال: بطعام، قلت: فأي شئ أصنع به. قال: تصدق به، إما لك، وإما لأهله، قلت: إن كان ذا قرابة محتاجا فأصله قال: نعم.) إلا أن الأخير منهما مناف لما صرحوا به، من غير خلاف يعرف بينهم فيه، من أنه إن علم صاحبه ولو في محصور وجب التخلص منه، وخوف التهمة لا تبيح التصرف في مال الغير، سيما مع امكان ايصال حقه إليه، أو الاستحلال منه، بوجه لا يوجب التهمة، فميل بعض المحدثين إلى العمل بالخبر المزبور - الذي يمكن دعوى الاجماع على خلافه - في غير محله، فلا بد من طرحه، أو يقال إن السيرة المستقيمة المعلوم كشفها على اعراض المالك عن ذلك في الصياغة والخياطة والحدادة وغيرها، وإلا فلا ينكر أن الغالب معرفة الصاحب جميعهم أو كثير منهم ولا أقل عند الفراغ من العمل، فيتجه وجوب الاستحلال منه عنده