بعضهم، فخير بين الصدقة بعين المجهول كما هو مقتضى الأمر بها في نصوصه، أو بقيمته للخبرين السابقين، إذ فيه ما عرفت، والمناقشة فيه بأن الاعراض ما لم يعلم لا يجوز نية التملك بالمعرض عنه، وإذا علم لم يبق احتمال البقاء على الملك، يدفعها منع اعتبار العلم بمعنى اليقين فيه، بل يكفي فيه ظهور ذلك من المالك ولو من فعله، كترك المسافر حطبه وعلف دابته ونحو ذلك، بل عن الكفاية نفى البعد عن الاكتفاء فيه بالظن، مع عدم قضاء العاداة على خلافه، ولعله يريد ما ذكرنا، فحينئذ يتجه استحباب الاحتياط بالصدقة به، إما له أو لأهله، إن لم يكن اجماع على الوجوب.
وكذا المناقشة في أصل التملك بالاعراض وإن علم، كما في الرياض قال: (إن كان اجماع وإلا فللنظر فيه مجال، حيث لم تنهض حجة على انتقال الملك، وجواز التصرف بمجرد نية الاعراض، مضافا إلى اطلاق الخبرين بالتصدق، إذ يكفي في دفعها السيرة القطعية المؤيدة برجوع الاعراض، إلى إباحة التملك لمن يريد تملكه، فتأمل هذا.
وربما يقال - في خصوص المقام من جهة النص والفتوى المشتملين على الأمر بالصدقة به، مع عدم كونه مجهول المالك بالنسبة إلى أغلب أفراده، ولو في جملة ولا اعراض محقق، وكون المتعارف في الصاغة أنه يصوغ لنفسه ولغيره، وتقع أجزاء منهما - أن هذا موضوع خاص أمر بالصدقة فيه عمن هو له سواء كان الصائغ أو غيره، وحينئذ فلا يستفاد منه حكم مجهول المالك، ولا يجري عليه حكم الاعراض.
ثم إنه بناء على أن المقام من مجهول المالك ذكر بعضهم أن مصرف هذه الصدقة مصرف الصدقات الواجبة، ومقتضاه المنع من اعطائه الغنى والهاشمي، ومن وجبت نفقته، بناء على منعهما منها، وغير ذلك من أحكامها. وفيه أنها غير واجبة على المالك، بل هي مندوبة بالنسبة إليه، وإن وجبت على من في يده فالمتجه جريان أحكام المندوبة عليها.
نعم قد يقال بانصراف الاطلاق إلى إرادة الفقراء والمساكين هنا، وقد سمعت ما في الخبرين من اعطائها القرابة المحتاج، بل في الرياض (لا خلاف بين الأصحاب فيه وفي