التهاتر قهرا، وفيه أن اعتبار تشخيص الدافع وقبض المدفوع متجه إذا لم يكن المدفوع نفس ما ملكه المدفوع إليه، أما إذا كان كذلك فلا يحتاج إلى تراض، لأنه يكون كوصول عين ماله إليه، إذ الفرض أن المديون قد ملك على الديان ما ملكه عليه أولا من كلي العشرة في ذمته مثلا، فالأولى اختصاص فرض المصارفة في المختلف، هذا.
وفي القواعد وغيرها ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر ويكون صرفا بعين وذمة، قلت: لا بأس به إذا وقع بصيغة البيع، وقبض العوض في مجلس العقد، أما إذا دفعه وفاء فقد تقدم أنه ليس بصرف، لأن الوفاء ليس بيعا وخبري الحلبي (1) لا دلالة فيهما على ذلك، قال في أولهما: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون عليه دنانير فقال: لا بأس أن يأخذ قيمتها دراهم) وقال في ثانيهما (2) سألته أيضا عن الرجل يكون له الدين دراهم معلومة إلى أجل، فجاء الأجل وليس عند الرجل الذي عليه الدراهم، فقال: خذ مني دنانير بصرف اليوم قال لا بأس فيه).
ونحوهما خبر أبي عتاب (3) بل النصوص المعتبرة - التي أفتى بمضمونها غير واحد من الأصحاب، المتضمنة لاحتساب السعر يوم القبض - ظاهرة أو صريحة في كون الوفاء ليس بيعا، قال إسحاق بن عمار (4) (سألت أبا إبراهيم عن الرجل يكون لي عليه المال فيقضيني دنانير وبعضا دراهم، فإذا جاء يحاسبني ليوفيني قد تغير سعر الدنانير، أي السعرين أحسب له الذي كان يوم أعطاني الدنانير، أو سعر يوم الذي أحاسبه؟ فقال: سعر يوم أعطاك الدنانير، لأنك حبست منفعتها عنه.
وقال أيضا (5) (قلت لأبي إبراهيم عليه السلام: (الرجل يكون له على الرجل الدنانير فيأخذ منه دراهم ثم يتغير السعر قال: فهي له على السعر الذي أخذها منه يومئذ، وإن أخذ