مبناه ما ذكرنا من عدم قدح مثل هذه الجهالة بعد أن لم تكن في الثمن والمثمن فتأمل.
وكيف كان فقد ظهر لك ضعف القول باشتراطه مطلقا الذي اختاره في الدروس، بل نسبه بعضهم إلى الخلاف، وإن كان المحكي من عبارته غير ظاهرة في ذلك قال:
(إذا كان السلم مؤجلا فلا بد من ذكر موضع التسليم، فإن كان في حمله مؤنة فلا بد من ذكره، إلى أن قال: الصحيح أنه يجب ذكر الموضع والمؤنة. دليلنا طريقة الاحتياط لأنه إذا ذكر الموضع والمؤنة صح السلم بلا خلاف، وإذا لم يذكرهما لا دليل على صحة هذه) وفي التحرير نسب إليه ما عن المبسوط الذي قواه الكركي من التفصيل بين ما يكون لحمله مؤنة فيجب، أو لا يكون كذلك فلا يجب. ووجهه كسابقه، وجوابه يظهر مما ذكرنا، بل في السرائر أنه لم يذهب إليه أحد من أصحابنا، ولا ورد به خبر عن أئمتنا عليهم السلام، وإنما هو أحد قولي الشافعي اختاره شيخنا، إلا تراه في استدلاله لم يتعرض لاجماع الفرقة، ولا أورد خبرا في ذلك.
ومن الغريب مناقشته في المختلف بأنهم نصوا على اشراط الوصف وهو يتناول المكان، لأن الأين من جملة الأوصاف اللاحقة للماهية، فتكون الأخبار دالة عليه، ضرورة عدم إرادة ذلك من الوصف المعتبر في المسلم فيه الذي قد عرفت أن اعتباره لرفع الجهالة التي لا فرق بين السلم وغيره، وفرض احتياج الحمل إلى المؤنة لا يوجب التعيين، خصوصا مع انصراف العقد بناء عليه، بل وأن ينصرف إذ المرجع حينئذ في ذلك إلى الشرع، ولعل قواعده تقتضي وجوب الحمل إلى المسلم، لأنه يستحق التسليم على المسلم إليه من حيث المعاوضة، فيجب الحمل حينئذ مقدمة إلا إذا استلزمت قبحا يسقط التكليف بها معه، ويحتمل عدم الوجوب، للأصل فيبقى في ذمته على نحو الأمانة.
وأما التفصيل بين ما كانا في مكان من قصدهما أو أحدهما مفارقته، برية كان أو غيره، وعدمه فيجب التعيين في الأول، دون الثاني وهو القول الرابع فكان مبناه