العقد في نصف الشهر مثلا ومضى بعده شهران هلاليان يصدق أنه مضى من الأجل شهران ونصف، وإن كانت الثلاثة ناقصة، وهذا أمر ثابت في العرف حقيقة، فيكفي اكمالها خمسة عشر يوما لصدق الثلاثة معها، وفيه أنه لم يظهر لنا وجه معتد به لتغيير المثال بالشهرين إلى الثلاثة مع أنهما سواء في الصدق العرفي، وقوله (وإلا) إلى آخره لا يتم في نفي احتمال اعتبار اتمامه هلاليا، ضرورة عدم اقتضائه أزيد من المشترط كما هو واضح، وظاهر القائل باعتباره ثلاثين يوما عدم اكتفائه بالنصف الناقص، ومن هنا كان يلزم على هذا القول أنه لو جعل الأجل ثلاثة أشهر مثلا ووقع العقد في صفر بعد مضي ساعتين وجاء ناقصا، فإنه يكمل من جمادى الأولى يوما وساعتين فيحصل من ذلك ثلاثة أشهر هلالية زائدة يوما وساعتين والعرف واضح الصدق بدون ذلك.
وأما القول بانكسار الجميع الذي نفى عنه البعد في المختلف بل حكى عن أحد قولي المبسوط، فهو وإن احتج له بأن الأيام الباقية من الشهر المنكسر إما أن لا تحسب من أحدهما أو من الثاني وكلاهما محال، فليس إلا احتسابها من الأول، وحينئذ لا يعقل دخول الثاني حتى يتم الأول مما يليه فينكسر حينئذ وهكذا، لكن قد يناقش فيه أولا بعدم اعتبار الهلالي في الممكن منه، وقد عرفت ما يعين التلفيق من الأخير، وأنه لا محذور فيه، وثانيا بأنه تقتضي بناء على اعتبار الجميع ثلاثين يوما زيادة ثلاثة أيام مثلا لو فرض كون الأجل ثلاثة أشهر واتفق نقصانها، اللهم إلا أن يريد انكسارها جميعا واعتبارها هلالية باتمام كل منها بقدر الفائت منه.
وفيه حينئذ منع صدق تمام الشهر عرفا لو كان ناقصا باتمامه أربعة عشر يوما ونصف من الشهر الآخر، ومن ذلك ينقدح الضعف في القول الأول، ولعل القول باتمامه هلاليا بأن يؤخذ نصف الهلالي الثاني مكملا به الشهر الأول وإن كان ناقصا أولى في الصدق العرفي إلا أنه لما كان الثاني غير معلوم هلاله ناقصا أو تاما، وكان الأصل عدم خروج الهلال والأصل عدم الحلول، وجب الاقتصار في نصفه قبل إن يتبين على الخمسة عشر، وهكذا