ويقرب التفصيل وهو أنه مع التمييز وإصلاح القيام بالضروريات لا كراهة، وإلا فالكراهة، وهو ليس خلافا في أصل الجواز وأمر الكراهة سهل.
(و) على كل حال فالمشهور كما في التذكرة أن (الاستغناء يحصل ببلوغ سبع) من غير فرق بين الذكر والأنثى، (وقيل: يكفي استغناؤه عن الرضاع) ولعل ذلك مقتضى إطلاق المحكي عن المقنعة والنهاية والمراسم الاستغناء، بل قيل إن الشيخ والجماعة كذلك في باب الجهاد (والأول أظهر) عند المصنف استصحابا للحكم، ولغلبة الأذية قبلها، إلا أن الأظهر منه جعل المدار على تحقق الاستغناء عرفا، وهو مختلف باختلاف الأطفال والأمهات، لاطلاق الدليل السالم عما يقتضي تقييده بالسبع أو غيره، واحتمال نظر الأصحاب في المقام إلى الحضانة يدفعه ما عرفت من شهرة السبع هنا من غير فرق بين الذكر والأنثى، والمعروف فيها هناك كذلك.
ومن ذلك يظهر لك ما في جامع المقاصد وإن تبعه عليه في الروضة والمسالك والرياض ومحكي الميسية. قال: (الذي يقتضيه صحيح النظر الفرق بين الذكر والأنثى، لأن الفرق في حضانة الحرة قد وقع، فجوز التفرقة بعد سنتين في الذكر وبعد سبع في الأنثى على المشهور بين المتأخرين، فينجر ذلك في الأمة، لأن حقها لا يزيد على حق الحرة، ولأن الناس مسلطون على أموالهم، خرج منه ما دل الدليل على منع التفرقة بين مطلق الأمهات والأولاد، فيبقى الباقي على الأصل ولأن الأخبار الدالة على عدم جواز التفريق لأحد فيها، فيحمل إطلاقها على المدة المحرمة، بمقتضى الحضانة، لأن ذلك هو الحق المقرر للأم، وكون الولد معها في نظر الشارع وإطلاق الأصحاب يحتمل أمرين، إما الحوالة على ما هناك، أو عدم الظفر بما يعين المراد، وقد صرح بعض الأصحاب وهو الشيخ أحمد بن فهد بأن المسألة هنا مبنية على الأقوال في الحضانة فكان شاهدا بما قلناه، وهذا هو الصواب الذي ينبغي المصير إليه).