وأما ما ذكره من التلازم المزبور فلا يخلو من مناقشة مع فرض تحقق الفساد بالآخر، فإنه لا مانع حينئذ من القول باختصاصه بالحرمة دون الأول، نعم لو قلنا بالأخير يتحقق الفساد في الجميع على وجه يكون تمام ما أكله مندرجا في النهي اتجه ذلك، ولكنه خلاف المنساق، من قوله كل ولا تفسد. ثم إن الظاهر من هذا الشرط و سابقه كونه من الشرائط الكاشفة، لو فرض تأخيرهما عن الأكل المباح، وقلنا بالشرطية في هذا الحال، لاطلاق الأدلة، ولكن الكشف بالنسبة إلى الضمان متجه، أما بالنسبة إلى الإباحة فلا يخلو من منع، ودعوى أن الشرط فيهما قصد الحمل وقصد الافساد يدفعها ظهور الأدلة في خلافها، بل لا إشعار في شئ بالقصد. نعم قد يقال: بتصور الكشف فيها على بعد، بل يمكن القطع بفساده بملاحظة الأدلة فتأمل.
وكيف كان فظاهر الأستاذ الأكبر ثبوت الحرمة بقصد الافساد بلغ حده أولا قال: (ومع عدم القصد ينتفي الجواز عند خوفه، ولا فرق بين حصول الفساد من واحد أو من جماعة، فلو أكلت المارة حتى قرب الفساد حرم على الأخير، وإذا علم ترتب الفساد علي المجموع، اقترعوا على التناول، فيجوز لكل من طلعت له القرعة (ثم قال):
والمنع مع الفساد في الجملة مما يقضي به الأصل والعقل والكتاب والسنة والاجماع محصله ومنقوله، وبعض أخبار الباب.
والظاهر أنه لا فرق بين الفساد في الشجر والثمر، وفي الجدران والسواقي و المساقي، وبمثل ذلك يظهر قوة التحريم، لأن المار لا يعلم قدر الثمرة ابتداء حتى يعرف الفساد، فربما أكل من صاع هو بقية ألف صاع من حيث لا يعلم، والظاهر ثبوت الضمان عليه مع العمد في الافساد بدونه، وأجرة المثل لو مكث زائدا على مقدار ما يحتاج إليه في التناول، إلى أن قال:، ولا بد أن يقتصر في الأكل على أكله المعتاد على وفق المعتاد، فإن زاد ضمن الجميع، وله الخيار في اختيار أقسام الثمرة، ولو عين المالك شيئا تعين) وفيه مواضع للنظر، كما أن ما فيه أيضا من أن الظاهر اعتبار كون الثمرة علي الشجر، اقتصارا على المتيقن، وكون المار مسلما حيث