ومعارضته بما سمعت محتمل أو ظاهر أو صريح في غير التناول للأكل، ضرورة استبعاده في السنبلة الواحدة لعدم تعارفه بل ظاهر السائل الاقدام على ذلك باعتبار قلة الاكتراث بالسنبلة، فأجابه عليه السلام بالحكمة المزبورة.
وفي الحدائق (الظاهر أن هذا الخبر لا يدخل في سياق هذه الأخبار، فلا معنى لاجرائه في هذا المضمار، فإن موضوع المسألة الأكل من الثمار في مكانه من غير أن يحمله، والظاهر أن السنبل ليس من المأكول على تلك الحال، فالظاهر إرادة حمله، والمنع فيه مما لا خلاف فيه وهو حسن.
لكن قيل يتعارف أكله مقلا ونحوه، وخبر قرب الإسناد محتمل للكراهة، خصوصا مع استثنائه الضرورة، وعدم بيان حدها، بل الظاهر منها عدم الوصول إلى حد الخوف على النفس، أو أن المراد منه المنع منه مع قيام شاهد الحال على العدم كالحائط ونحوه، والخرص والتقبيل مع كونه في الغالب عند البلوغ، يمكن اعتبار أمر المارة فيه وإخراج النخلة لإرادة المارة بصاحب البستان، فإن من المتعارف بذل شئ من الثمرة لمن يمر به، والمسلم من قيام السيرة علي ما يفسد وبناء الجدران ووضع الأبواب للخوف من ذلك، على أنه إذا كان قد تعارف المنع خرج عن موضوع المسألة الذي هو الأكل مع عدم العلم بالمنع، وعدم البلوغ إلى حد التواتر لا يقضي بالمنع كما في غيره من الأحكام التي هي أهم منه، مع أنك قد سمعت دعواه ودعوى الاجماع وغيرهما، وليس في الأكل مع عدم الافساد اضمحلال لأموال الناس، بل ربما أدى إلى البركة فيها، ومثل هذه الباعثية لا تصلح دليلا للمنع، كوضوح العذر له، ولو أن نحو ذلك صالح لامتنع كثير من الأحكام الشرعية، وإباحة الشارع الثمرة للمارين أغنياء كانوا أو فقراء تجري على الجميع كما اعترف هو به في آخر كلامه، لأنه المالك الحقيقي، وليس مثل هذا الاختلاف في نقل الاجماع قادحا، كما أن عدم خلو النصوص عن البحث في السند أو الدلالة بعد الاعتضاد بما عرفت غير قادح أيضا.