لأهل الحاجة والمسكنة الذين لا ورق لهم ولا ذهب وهم يقدرون على التمر أن يبتاعوا بتمرهم من أثمار هذه العرايا بخرصها، فعل ذلك بهم رفقا بأهل الحاجة الذين لا يقدرون على الرطبة، ولم يرخص لهم أن يبتاعوا منه ما يكون للتجارة والذخائر).
وقال آخرون: (هي النخلة يهب الرجل تمرتها للمحتاج ويعريها إياه، فيأتي المعرا وهو الموهوب له إلى نخلته تلك ليجتنيها فيشق ذلك على المعري الذي هو الواهب لمكان أهله في النخل، فرخص للواهب خاصة أن يشتري ثمرة تلك النخلة من الموهوب له بخرصها).
وقال آخرون: (شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم محتاجون إلى الرطب يأتي ولا يكون بأيديهم ما يبتاعون به، فيأكلونه مع الناس وعندهم التمر، فرخص صلى الله عليه وآله لهم أن يبتاعوا لهم العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم).
وقال آخرون: الاعراء أن يهب له ثمرة نخلة أو نخلتين أو نخلات، ومنه الحديث أنه رخص صلى الله عليه وآله وسلم في بيع العرايا بخرصها تمرا، وذلك أن يمنح الرجل النخلة فيبيع تمرها بالتمر، وهذا لا يجوز في غير العرايا وإنما سميت عرية لأن من جعلت له يعريها من حملها، وأنشد الفراء:
ليست بسنهاء ولا رجبية * ولكن عرايا في السنين الجوائح معنى سنهاء أي مرت عليها السنون المجدبة، وقوله رجبية نخلة مرجبة وهي التي يبنى حولها البناء لئلا تسقط وهو كالتكريم لها).
وقال الهروي صاحب الغريبين: العرايا: هي أن من لا نخل له من ذوي اللحمة والحاجة، ويفضل له من قوته التمر ويدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري الرطب لعياله ولا يحتل له، فيجئ إلى صاحب النخل فيقول: بعني ثمرة نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر، فيعطيه ذلك الفضل من التمر بتمر تلك النخلات ليصيب من أرطابها مع الناس، فرخص النبي صلى الله عليه وآله من جملة ما حرم من المزابنة) ثم قال هذا ما وقفت عليه في التفسير العرايا، وأشده تحقيقا قول الهروي).