فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثني عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ ثم بلغ فرسخين ونيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر، وإن رجع عما نوى عندما بلغ فرسخين وأراد المقام فعليه التمام، وإن كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة) بعد حمل الفرسخ والميل فيه على الخراسانيين بقرينة الراوي اللذين هما عبارة عن اثنين من الفراسخ والأميال عندنا، وحمل المقام فيه على نية الإقامة، فإنه لم ينفعه حينئذ نية الرجوع بعدها، وما في ذيله من إعادة الصلاة لا يخرجه عن الحجية كخبر أبي ولاد.
لكن لم يعبأ بذلك كله المقدس البغدادي، فلم يرخصه في التقصير إن بدا له في الرجوع ليومه فضلا عن غيره بعد ما قطع أربعة متمسكا باطلاق الأصحاب عدم التقصير فيه وفي المتردد ومنتظر الرفقة، إلا إذا كان ذلك منهم وقد قطعوا مسافة تامة ثمانية فراسخ، لعدم اعتبار التلفيق من الإياب هنا إذا لم يكن مقصودا من قبل، بل إنما تعلق به القصد عند إرادة الرجوع، بل هو في المتردد والمنتظر لم يتعلق به القصد أصلا، وقصد الإياب ولو بعد أيام أو سنين وأعوام غير مجد في تحقق المسافة عند الأصحاب كي يقال إنه كان قبل رجوعه أو تردده للمسافة سببان قصد الامتدادية و التلفيقية، فلما بطل السبب الأول بقي الثاني، وفيه أولا أنه غير تام بناء على ما ذهب إليه ابن أبي عقيل وغيره من الاكتفاء بقصد الإياب ولو بعد السنين ما لم ينقطع سفره بأحد القواطع، وقد عرفت قوته سابقا، بل هذه النصوص ظاهرة فيه أو صريحة كما أشرنا إليه سابقا، وثانيا أنه قد سمعت كفاية المسافة النوعية في القصر، ودعوى إنكار مثل هذا التلفيق بعد أن لم يكن مقصودا من أول الأمر مسافة حتى يثمر العدول إليه في بقاء التقصير يدفعها ما سمعته من النصوص السالمة عن المعارض هنا، حتى ما دل على عدم الترخص لغير قاصد المسافة أو المتردد في الأثناء قبل البلوغ بعد انسياق غير محل البحث منه، كالنصوص الدالة على حصر المسافة في الثمانية المراد منها قصدها