بريد، قال: إنه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا اشتغل يومه) وغيرها.
بل قد يومي إليه النصوص (1) الكثيرة الدالة على تحقق المسافة بقصد بريد معللة له بأنه يتم له شغل يومه بإرادته الرجوع، فيكون بريدا ذاهبا وبريدا جائيا حتى على ما فهمه الأصحاب منها من إرادة الرجوع ليومه، ضرورة عدم صدق شغل اليوم حقيقة بالسفر إذا تخلل بين الذهاب والإياب الجلوس لقضاء الحاجة ونحوه، فلا بد حينئذ من إرادة مقدار ذلك، وهو البريدان، فتأمل.
على أن الاجماع بقسميه متحقق على التقصير في قطع البريدين وإن كان في بعض اليوم، ولعله إليه يرجع ما سمعته من الذكرى من تقديم التقرير على مسير اليوم، وإن كان الظاهر أن مدركه غير ما ذكرنا إلا أنه لا بأس به بعد الاتحاد بالعمل.
بل لعله هو مراد الأصحاب كالمصنف وغيره ممن عبر بعبارته عن المسافة من أنها هي مسير يوم بريدين ثمانية فراسخ حتى قيل: إن ذلك معقد إجماع غير واحد منهم كالشيخ والسيد والشريف ابن زهرة وابن إدريس والفاضلين وغيرهم.
ومقدار البريدين من غير خلاف يعرف فيه (أربعة وعشرون ميلا) كل واحد منهما اثني عشر ميلا، وكان البريد في الأصل لدابة الرسول الذي يستعملونه الملوك في حوائجهم، ثم نقل إلى الرسول نفسه، ثم إلى المسافة المذكورة، ربما ظهر من بعضهم أن الجميع معان له من غير نقل.
وعلى كل حال فالمراد منه هنا المسافة المزبورة، لموثق سماعة وصحيح زرارة ومحمد بن مسلم السابقين، وحسنة الكاهلي (2) (سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول:
التقصير في الصلاة بريد في بريد أربعة وعشرون ميلا) وغير ذلك، فيتحد حينئذ