صلى قوم وبينهم وبين الإمام سترة أو جدار فليس تلك لهم بصلاة إلا من كان حيال الباب، قال: وقال: هذه المقاصير إنما أحدثها الجبارون، وليس لمن يصلي خلفها مقتديا بصلاة من فيها صلاة) ولعله لذا اقتصر عليها هنا العلامة الطباطبائي في منظومته، فقال:
لا تصطنع فيه المقاصير ودع * تصويره فإنه شر البدع بل لعل مراد من عبر من الأصحاب بكراهة اتخاذ المحاريب في المساجد كالمنتهى وعن غيره ذلك أيضا لا الداخلة في الحائط، نعم قد يقال مراد من عبر بالداخلة في الحائط الداخلة فيه كثيرا كما سمعته من الثانيين بحيث يحصل معها الحيلولة بين المأمومين في الجانبين وبين الإمام، فتكون حينئذ كالمقاصير لا ما كان مجرد أثر في الحائط أو دخول قليل كما يؤيده في الجملة ملاحظة تعبيرهم بالمحراب الداخل في باب الجماعة، وحكمهم هناك ببطلان صلاة من كان على الجانبين، فيكون المكروه حينئذ المقاصير وما أشبهها من المحاريب الداخلة في الحائط كثيرا التي يحصل معها الحيلولة، وكونها غير قابلة للكسر فلا يشملها الخبر المزبور يدفعه أولا عدم انحصار دليل الكراهة فيه، لامكان استنباطها من صحيح المقاصير، وثانيا منع عدم قبولها للانكسار، إذ المتعارف في ذلك الزمان عدم كون الحائط عريضا بحيث يتخذ في وسطه محراب يستر جانباه المأمومين، بل قيل إنهم كانوا في بدء الاسلام ولا سيما أهل البوادي يبنون جدران المساجد من القصب والخشب والجذوع، فمتى فرض دخول المحراب في مثل ذلك لا بد أن يكون له هيئة بارزة عن جدار المسجد ولو من خلفه، فيتحقق الكسر حينئذ، وثالثا احتمال أو ظهور إرادة مطلق التخريب من الكسر، فما في المدارك من التوقف في كراهة مثل هذه المحاريب في غير محله.
نعم قد يقال: إن حمل خبر طلحة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) على المقاصير يمنعه ما سمعته في صحيح المقاصير من أنها إنما أحدثها الجبارون، ولم تكن في الزمان