من حرمة الدفن فيها، بل هو ظاهر النهي عنه في التحرير والمحكي عن المبسوط، بل هو المنقول عن نهايتي الشيخ والفاضل والسرائر والجامع والاصباح، إذ لعله من جهة عدم انفكاك الميت بعد دفنه عن تنجيس القبر، وقد عرفت مساواة الباطن للظاهر، لكن فيه أنه يمكن وضعه على شئ يمنع عن تلويثه المسجد، بل يكفي الشك، ويدفع بأنه إنما يتم بناء على أن مدار الحرمة التلويث، وإلا فيكفي في المنع خروج النجاسة منه ولو على بدنه، إلا أن قضية ذلك دوران حرمة الدفن حينئذ على المذهبين، ولم أعرف من ناطها بشئ منهما، بل ظاهر الجميع الاتفاق على المنع، ولعله لدليل خاص عندهم وإن لم نجده في كلمات من تعرض منهم للاستدلال، بل الموجود في الذكرى وجامع المقاصد والتذكرة تعليله بأن فيه شغلا للمسجد بما لم يوضع له، قال في الأول: ودفن فاطمة (عليها السلام) في الروضة إن صح فهو من خصوصياتها بما تقدم من نص النبي (صلى الله عليه وآله) وقد روى البزنطي (1) قال: (سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن قبر فاطمة (عليها السلام) فقال: دفنت في بيتها، فلما زادت بنوا أمية في المسجد صارت في المسجد) انتهى، وفي المحكي عن نهاية الإحكام بأن فيه تضييقا على المصلين، وفي المنتهى بأنها جعلت للعبادة.
وكأن هذه التعليلات منهم تؤمي إلى كون الحكم من المسلمات عندهم، ولولاه لأمكن مناقشتهم بأنه إنما تتم المنافاة والتضييق لو حرمت الصلاة على القبر أو عنده، بل وكان مع ذلك مزاحما للمصلين، وإلا كان كوضع المنارة فيه وحفر حفيرة لحاجة بعض الصنائع أو للوضوء ونحوه فيه وغير ذلك مما لا يمتنع إلا إذا نافى المصلين وزاحمهم وبأن دفن فاطمة (عليها السلام) لم يثبت كونه لخصوصية، والأصل الاشتراك، وبما يظهر من سبر الأخبار المتفرقة من دفن كثير من الأنبياء السابقين في المساجد، منها