بل وإطلاق بعض الفتاوى كالقواعد والذكرى وغيرهما، بل في جامع المقاصد أن ما وقفت عليه من العبارات هنا مطلق، لكن قال فيه: إنه ينبغي أن يراد بانقطاع الرائحة في عبارة القواعد ذهاب النجاسة، لأنه مع بقاء عينها وصيرورة البقعة مسجدا يلزم كون المسجد ملطخا بالنجاسة، بل عن فوائد القواعد أن ظاهر صحيح عبد الله بن سنان تحقق استحالة عذرته ترابا، وحينئذ لا إشكال بلزوم نجاسة المسجد، فالأولى حمل الحكم على ذلك، أو على ما إذا كان الموقوف الظاهر خاصة، أو على ما يمكن تطهيره، وفي المنتهى بعد أن ذكر أنه لا بأس بوضع المسجد على بئر غائط أو بالوعة إذا طم وانقطعت رائحته معللا له بأن المؤذي يزول فتزول الكراهة، قال: (لا يقال:
روى الشيخ عن عبيد بن زرارة (1) عن الصادق (عليه السلام) (الأرض كلها مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة) لأنا نقول: نحن نقول بموجبه إنما يتخذ مسجدا مع الطم وانقطاع الرائحة) وأوضح منه في رفع المنافاة ما في كشف اللثام من التعليل بزوال الاسم والصفات.
لكن ومع ذلك كله فالانصاف أنه لا صراحة في النصوص السابقة، بل ولا ظهور في اعتبار تطهير ذلك الموضع في وقفه مسجدا ولو باستحالته ترابا، وإن اشتمل بعض أسئلتها على التنظيف والاصلاح وأجوبتها على الطهارة، إلا أن المراد منها المعنى اللغوي قطعا، على أنه من المستبعد أو الممتنع طهارته بالمواراة المزبورة، ضرورة نجاسة الأجزاء الترابية منه التي لا يجدي مزجها بالتراب، إذ لا استحالة فيها، كما أنه لا ظهور فيها أيضا بوجوب التطهير بعد الوقف مسجدا أو كون المسجد الظاهر دون الباطن كما سمعته من الفوائد، بل ظاهرها جميعا أو صريحها عدم ذلك كله، وأنه يكفي هذه المواراة وانقطاع الرائحة بالطم المزبور في جعلها مسجدا، ولا يجب التطهير بعد ذلك،