قلت: ولعل الوجه فيما ذكروه أن الظاهر من الكتابة المؤثرة، لأنها حقيقة في ذلك، ومن هنا حكي عن المفيد في الرسالة، ونص عليه في السرائر والمنتهى والمختلف وغيرها أنه تبل التربة بالماء ويكتب، ولعله عليه يحمل المحكي من إطلاق الأكثر الكتابة، بل لولا ما يشعر ما في جامع المقاصد والروض من نسبة الكتابة بالأصبع إلى الأصحاب بالاجماع عليه لأمكن منعه، فلا ريب حينئذ في تقديم تلك الكتابة به عليه حينئذ حتى ما سمعته من كشف اللثام من تقديمها ولو بالماء، كما أنه لا ريب في رجحان التربة الحسينية على غيرها، اللهم إلا أن يقال: إن ما كان غير مؤثر أولى في المقام من المؤثر جمعا بين التبرك والمحافظة على المكتوب من التلويث سيما المؤثر تأثيرا مميزا كالمكتوب في القرطاس كما هو المتعارف في زماننا هذا. وهو لا يخلو من قرب عند التأمل في مثل كتابة القرآن ونحوه سيما الكتابة على مظان التلويث.
ومن ذلك كله ظهر لك أن المراد بالكتابة بالأصبع من غير تأثير كما نص عليه في كشف اللثام وغيره، ولم أعرف نصا بالخصوص لما هو متعارف الآن في عصرنا من كتابة الجريدتين بسكين ونحوها، بل ربما يشكل الاجتزاء به من حيث ظهور كلام الأصحاب في الحصر بتلك المراتب الثلاثة، اللهم إلا أن يقال: الظاهر مردهم بذلك استحبابا في استحباب، وإلا فالمدار على تحقق الكتابة بأي وجه يكون، نعم يكره بالسواد أو مطلق الصبغ على ما سيأتي، ومنه يعرف حينئذ القطع بالاجتزاء بكتابة الإصبع ابتداء أي مع التمكن من غيره.
ثم إنه قد عرفت سابقا استحباب الحبرة. (فإن فقدت الحبرة) استحب أن (يجعل بدلها لفافة أخرى) كما نص عليه كثير من الأصحاب قدمائهم ومتأخريهم، بل ربما ظهر من بعضهم دعوى الاجماع عليه، ولعل ذلك كاف فيه، وإلا فلم أعثر