وفي صحيحة زرارة: " إن رجلا من الأنصار وجد قتيلا في قليب (1) من قلب اليهود، فأتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: يا رسول الله، إنا وجدنا رجلا منا قتيلا في قليب من قلب اليهود، فقال: ائتوني بشاهدين من غيركم " الحديث (2).
فإن المراد بالشاهدين في الثانية أيضا العدلان، فدلتا على عدم قبول العدلين منهم. وظاهر أن جميعهم لم يكونوا أولياء الدم، ومع ذلك طلب العدلين من الغير، وما هو إلا لأجل التهمة، فلم تقبل شهادة العدلين في مواضع التهمة. والصحيحان لاختصاصهما بالعدلين يكونان أخصين مطلقا من جميع عمومات القبول وإطلاقاتها، فيجب تخصيصها بهما كما هي القاعدة.
قلنا أولا: إنهما لم يدلا على عدم قبول العدلين منهم، وطلب العدلين من غيرهم لا يستلزم رد عدليهم.
وثانيا: أنه لو كان الرد هنا للتهمة لكانت لأجل الصداقة أو العداوة الدينية أو القرابة أو اتحاد القبيلة، وليس شئ منها ترد به الشهادة إجماعا ونصا، كما يأتي.
وثالثا: أنه يمكن أن يكون ذلك لأجل كون كلهم أولياء الدم أو كلهم مدعين، كما يصرح به قوله: " فقال رسول الله للطالبين " غاية الأمر يكون ادعاء بعضهم ولاية، وبعض آخر وكالة أو تبرعا.