عليها في حياة الموصي ولم يتعرض لها مهما جاز له، وابتلي في موضع بوصية استئجار صلاة وصيام لميت مع إذنه في التوكيل، فقال الورثة: إنه عشرون سنة مثلا، وأعطوا ما بإزائها، فوكل الوصي غيره في استئجارها وأعطى أجرة له من مالها، ثم شهد الوصي بأن الموصى به اثنا وعشرون سنة مثلا، كيف يكون محلا للتهمة؟!
وكذا فيما لو شهد شريك ببيع شريكه الآخر الشقص (1)، فيقال برده مطلقا، لأنه لأجل استحقاقه الشفعة محل للتهمة، مع أنه يمكن أن نعلم أنه كان يباع هذا الشقص لهذا الشريك أمس بأقل من ذلك الثمن ولم يرغب فيه، ونعلم أنه ليس له ثمنه بحيث لا يحتمل في حقه إرادة الأخذ بالشفعة.
وعدوا من مواضع التهمة: التبرع بالأداء، والحرص على الشهادة.
مع أنا شاهدنا غير مرة أن الأول كان لشغل له يستعجل فيه، أو جهل بالتوقف على السؤال، أو تعجب في إنكار الخصم.
وكذا الثاني كان لمحض التدين، وإرادة دفع الظلم، ونحو ذلك.
ويظهر من ذلك أيضا أن التهمة ليست أمرا مضبوطا من حيث المورد، فإنها تختلف باختلاف مراتب عدالة الشاهد وشرفه، وملاحظة أحواله، وقدر النفع، وبالأمور الخارجية، وباطلاع الحاكم عن حال الشاهد وعدمه، فرب مورد يوهم الناس ولا يتوهمه الحاكم لمعرفته ببواطن الشاهد وأحواله، ويستبعد جعل الشارع مثل ذلك مناطا للحكم.
وأيضا من أسباب التهمة: إخبار عادل أو فاسقين بكذب الشاهد في الواقعة، أو بأخذه الجعل للشهادة، فإنه يتهم حينئذ غالبا ولا ترد شهادته لذلك.