فإن ثبت إجماع على الرد فهو وإلا فالقبول أظهر، إلا أن تخرجه العداوة عن العدالة بإفضائها إلى ارتكاب كبيرة - من قذف ونحوه - أو إلى إصرار على صغيرة، من غيبة أو إهانة أو نحوهما.
وقد يقال: بأن مع العداوة الدنيوية يشكل فرض حصول العدالة، لأن عداوة المؤمن وبغضه لا لأمر ديني معصية، مع أنهم ذكروا في تفسير العداوة: أن يسر بمساءته ويغتم بمسرته (1). وزاد بعضهم: أن يتمنى زوال نعمته (2). والكل معاصي عظيمة، والإصرار عليها كبيرة لو لم نقل بكون كل منها بنفسه من الكبائر..
وعلى هذا، فكيف تجتمع تلك العداوة مع قبول الشهادة حتى يحتاج إلى اشتراط انتفائها فيه؟!
والتحقيق: أن العداوة القلبية ليست أمرا اختياريا تترتب عليها معصية، وكذا السرور بالمساءة والمساءة بالسرور، فإن من قتل ولد شخص، أو هتك عرضه بفرية عظيمة، أو زنى بامرأته، أو لاط بولده، يسر بمساءته ويغتم بسروره ولولا من جهة كون تلك الأمور معصية، وليس ذلك السرور والمساءة أمرا يكون تحت اختياره حتى يكلف بعدمه، بل ربما لا يرضى بتلك المسرة والمساءة لنفسه ويجاهد في دفعهما، ولكنه يحتاج إلى زمان طويل ومجاهدة عظيمة.
وما ورد في ذم العداوة والبغض فالمراد: أنهما صفتان ذميمتان - كالجبن وحب الدنيا - تجب المجاهدة في دفعهما.. وجعلهما من المعاصي إنما هو إذا أظهر آثارهما وفعل ما يوجب ضرر العدو لا مطلقا،