نعم، لو كان ظانا وأخبر عن ظنه به، وقال أظن كذا، لم يكن كذبا وجاز أيضا، كما صرح به في الكفاية (1)، للأصل، فإنه ليس بشهادة حتى يدخل تحت النهي، ولو سلم فالمشهود به هو ظنه وليس كاذبا فيه، إلا أنه غير معتبر إجماعا.
المسألة الثانية: ثم إنهم زادوا على ذلك وقالوا: يعتبر أن يكون ذلك العلم حاصلا إما بالرؤية أو بالسماع.
فالأول في الأفعال.
والثاني في الأقوال، كالأقارير والعقود ونحوها.
وقد يقال: أو بالسماع والرؤية، إذ تفتقر الشهادة على القول لرؤية القائل.
وهو أيضا مراد من لم يضم معه الرؤية، قالوا: إلا فيما تتعذر أو تتعسر فيه الرؤية أو السماع - كالنسب والوقف ونحوهما مما يأتي - فإنه يكفي فيه التسامع والاشتهار.
والسماع المأخوذ في ذلك غير السماع المتقدم، فإن المراد فيما تقدم هو أن يكون المسموع هو عين المشهود به، وهنا أن يكون إخبارا عنه.
فالعلم في الأول حسي حاصل عن الحس، وفي الثاني مستفاد من قرينة امتناع تواطئهم على الكذب.
وأيضا الحاصل من الأول هو العلم البتة إذا كانت الحاسة صحيحة والقول واضحا، وأما الثاني فقد لا يحصل منه إلا الظن.
ولا يخفى أنه تخرج من ذلك الشهادة على اللمس أو الذوق أو الشم