بل يظهر من بعض مشايخنا عدم المنافاة بين القول بالمعرفة بحسن الظاهر وبين القول بالمعرفة بالمعاشرة (1)، إذ لا يعرف كونه ساترا مواظبا إلا بعد نوع معاشرة.
بل نقول: إنا لو قلنا: إن مراد القائل بحسن الظاهر أنه نفس العدالة أيضا، لا تكون منافاة بينه وبين القول بالملكة، إذ المراد بحسن الظاهر حينئذ كونه مجتنبا ورعا كافا نفسه عن المحارم، ولا يراد مجرد رؤيته كذلك، بل يراد معرفته بهذه الأوصاف، وهي لا تنفك عن الملكة، كما مر بيان ذلك أيضا.
وظهر من ذلك أن الحق بين الأقوال هو القول بالحسن الظاهر بالمعنى الذي ذكرنا، والظاهر أنه أيضا مراد القائلين به، وإليه يرجع مختار الوالد أيضا، بل يتحد مع القول بالمعرفة بالمعاشرة الباطنية في الجملة أيضا، فإنه على ما ذكرنا وإن احتاج إلى نوع اختبار ومعاشرة لكن لا يحتاج إلى المعاشرة الباطنية التامة المتأكدة المخبرة عن السريرة.
وأما حمل حسن الظاهر على مجرد عدم رؤية خلل منه - ولو مع عدم العلم بتمكنه من الخلل وعدمه، ولا معرفة أوصاف حسنة منه - فهو ليس حسنا ظاهريا، بل مثله غير سئ الظاهر، ولا يكون فرق بينه وبين ظاهر الإسلام.
فروع:
أ: المراد بكونه ساترا لجميع عيوبه أن لا يكون معلنا بمعصية لا يبالي من ظهورها، بل كان بحيث لا يرضى بظهور معصية منه، وكان متصفا بصفة الحياء، والساترية للعيوب، والاستنكاف عن نسبة المعصية إليه.