وليس في شئ من هذه المعاني المروية ما يوافق ما ذكره الأصحاب في معنى المروة، ولا على كونها معتبرة في العدالة، ولا إشعار لموثقة سماعة المتقدمة (1)، لدلالتها بالمفهوم على أن من لم يجمع الثلاثة فلا يجمع الأربعة، ومنها: كمال المروة، وأين ذلك من اشتراطها في العدالة، أو قبول الشهادة؟!
وإذ ظهر ضعف تلك الأدلة تعلم أن القول الثاني في غاية المتانة والقوة، وعدم اعتبار المروة في العدالة ما لم يبلغ انتفاؤها حدا يوجب ارتكاب ما هو مخالف للشريعة، أو ينبئ عن جنون، أو يقدح في معرفة صفة الستر والعفة.
وكما أن اجتناب ما يخالف المروة ليس شطرا للعدالة فكذلك ليس شرطا لقبول الشهادة، للأصل، وعدم ذكره في الأدلة.
ونقل الأردبيلي عن بعضهم: أنه اعتبره شرطا لقبول الشهادة وإن لم يكن شطرا للعدالة.
وظاهر القواعد: أنه جعله شرطا له وشطرا لها معا (2).
ولا دليل تاما على شئ منهما.
المسألة الرابعة: قد عرفت أن اجتناب الكبائر إما جزء العدالة أو جزء لازمها، فارتكاب واحد منها يقدح في العدالة كما يأتي.
وقد اختلفوا أولا في تقسيم الذنوب إلى الكبائر والصغائر، فحكي عن جماعة - منهم: المفيد والطبرسي والشيخ في العدة والقاضي والحلبي - إلى عدم التقسيم، بل الذنوب كلها كبائر (3).