اسم الطائفة، قال الله تعالى: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين). (1) وروي في التفسير: أن أقله واحد. فقد تأول السلف اسم الطائفة في هذا الموضوع على الواحد، ولولا أنها اسم له لما تأولها عليه. (2) وقال تعالى: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) (3) ثم قال في سياق الخطاب (فأصلحوا بين أخويكم) (4) فدل: أنه قد أراد بالطائفة الواحد.
وموجود أيضا: في العرف والعادة: أن اسم الطائفة والبعض والخبر يجري مجرى واحدا.
ألا ترى أنه لو قال: لفلان طائفة من هذه الدراهم: أنه يعطيه ما شاء منها، من قليل أو كثير، كما لو قال: له بعضها، أو جزء منها.
وإذا كان كذلك، كانت الطائفة بمعنى البعض، فتناول الواحد منها.
وقال في أمر النبي عليه السلام - الواحد بالأداء عنه: إنه لا دلالة فيه على قبول خبره، لأن الأمر بالأداء لا يختص بالعدول دون الفساق. وإذا كان الفاسق مأمورا بالأداء ولم يدل ذلك على قبول خبره، والشاهد الواحد مأمور بإقامة شهادته، ولم يدل ذلك على قبول شهادته وحده، كذلك ليس في أمر الواحد والعدل بأداء ما سمع من الحكم - دلالة على قبول خبره وحده، وإنما أمر بالأداء لينتشر وليستفيض.
قال أبو بكر: وقد تكلمنا في هذا المعنى فيما سلف. ونقول أيضا: إن ظاهر الأمر بالأداء والإبلاغ يقتضي قبول خبره، وما يؤديه، كما اقتضى قوله تعالى: (واستشهدوا شاهدين من رجالكم) (5)، وقوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) (6) قبول شهادتهما، هذا ظاهر ما يقتضيه