حصل الإجماع على قول منها زال الخلاف، وثبتت حجة الإجماع.
ثم ليس يخلو القائل بخلاف ما ذكرنا من أحد معنيين: إما أن يحيل وجود إجماع بعد اختلاف كان في العصر المتقدم، ويمنع كونه، أو يجيز وقوعه، إلا أنه (لا) (1) تثبت حجته، ولا يرفع (2) الخلاف المتقدم به، فإن أحال وجود إجماع بعد اختلاف كان في عصر متقدم، فإنا نوجده، ذلك بحيث (3) لا يمكنه دفعه، وإن (4) كان يجيز وجوده، إلا أنه لا يثبت حجته، فإن هذا يوجب عليه نفي صحة إجماع أهل الأعصار، وقد ثبت عندنا صحة القول بإجماع أهل الأعصار، وما كان حجة لله تعالى لم (5) يختلف حكمه باختلاف (6) الأزمان والأعصار ولو جاز على الأمة الإجماع على الخطأ في عصر، لجاز اجتماعها على الخطأ في سائر الأزمان.
وهذا شئ قد علمت بطلانه.
ألا ترى: أن الكتاب والسنة لما كانا حجة لله تعالى على الأمة، لم يختلف حكمهما في ثبوت حجتهما في سائر الأوقات، وكذلك سائر حجج الله تعالى ودلائله، إلا فيما يجوز (نسخه) (7) وتبديله. والإجماع مما (8) لا يجوز وقوع النسخ فيه، لأنا (9) إنما نعتبره (10) بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجوز النسخ بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: ما أنكرت أن يكون إجماع أهل العصر الثاني بعد الاختلاف الذي كان بين أهل العصر المتقدم صوابا، ويسوغ الخلاف عليه بأحد أقاويل المختلفين الذين