سبقوهم به، كما نقول في سائر الاجتهاد: إن كل واحد من المختلفين جائز له القول بما صار إليه من المذهب الذي أداه إليه اجتهاده.
قيل له: ولو ساغ هذا لبطلت حجة الإجماع رأسا، لأن كل إجماع يحصل على قول يجوز لأهل العصر الثاني خلافه، ويكون كله جائزا، ولا يقدم في صحة الإجماع، لأنه صواب كما قلت في المجتهدين إذا اختلفوا، وهذا يوجب بطلان حجة الإجماع.
قال أبو بكر: فأما ما وعدنا إيجاده (1) من حصول إجماعات في الأمة بعد اختلاف شائع في عصر متقدم. فإنه أكثر من أن يحصى، ولكنا نذكر منه طرفا نبين به فساد قول من أبى وجوده، فمن ذلك: قول عمر في المرأة تزوج في عدتها: (إن مهرها (يجعل) (2) في بيت المال)، وتابعه على ذلك سليمان بن يسار. (3) وقال علي: المهر لها، بما استحل من فرجها، فهذا قد كان خلافا مشهورا في السلف، وقد أجمعت الأمة بعدهم: على أن المهر إذا وجب فهو لها، لا يجعل في بيت المال.
ومنه: قول (ابن) (4) عمر، والحسن، وشريح، وسعيد بن المسيب، وطاووس، في جارية بين رجلين وطئها أحدهما: أنه لا حد عليه، وقال مكحول (5) والزهري: عليه الحد.
وقد أجمعت الأمة بعد هذا الاختلاف، أنه لاحد عليه. واختلفت الصحابة في عدة المتوفى عنها زوجها.
فقال عمر، وابن مسعود في آخرين: (أجلها أن تضع حملها). وقال علي، وابن عباس: (عدتها أبعد الأجلين، وكان هذا الخلاف منتشرا ظاهرا في الصدر الأول حاج فيه