عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس) (1) فأمرنا بالإعراض (2) عنهم من غير قبول لتوبتهم، وقال تعالى في قوم آخرين: (وعلى الثلاثة الذين (خلفوا) (3) فوقف (4) أمرهم مع إظهارهم التوبة، فحكم في هؤلاء بثلاثة أحكام:
قبول التوبة من فريق منهم على الظاهر.
ومنع قبول توبة آخرين.
ووقف أمر فريق آخر، فلم يأمر بأن يحملوا على الأصل الذي كان يقينا، وأمر بقبول شهادة الشهود: على الحقوق، والقتل، والزنا، وغيرهما. مما يوجب استحقاق الدم، والمال، وشهادة الشهود، ولا توجب علم اليقين، وأن المشهود عليه غير مستحق عليه القتل، والمال كان يقينا، فأزال ذلك اليقين بما ليس بيقين.
ولا خلاف بين المسلمين: أن رجلا لو قال لامرأته: أنت علي حرام، أنه غير جائز له البقاء على ما كان عليه من استباحتها، وترك مسألة الفقهاء عما بلى به من النازلة.
فإن احتج القائل بذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشاك في الحدث: أنه يبنى على اليقين طهارته التي كانت، ولا يزول عنها بالشك، وبما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه أمر الشاك في صلاته بالبناء على اليقين) (5)، (6) باتفاق الفقهاء: على أن الشاك في طلاق امرأته لا يلزمه شئ، فكانت المرأة زوجته على ما كانت، وكذلك ما ذكرنا: من وجوب البناء على الحال الأولى التي قد ثبتت قبل حدوث المعنى الموجب للخلاف، وبقاء حكمها حتى يقوم الدليل على زواله.
قيل له: ليس هذا من ذاك في شئ، لأن أحكام الحوادث عليها دليل قائمة، فوجب عند حدوث الخلاف طلب الدليل على الحكم، فإن وجدنا على موضع الخلاف دليلا من