بأن من لا ينتقل من فرض إلى فرض ففرضه قائم، ومن كان ينتقل من (فرض) (1) لا إلى فرض أدخلت النقصان عليه. قال: فقلت هلا ذكرته لعمر؟
فقال: انه كان أميرا مهيبا، فأخبر: أن مهابته كانت مانعة له من إظهار الخلاف عليه.
قيل له: أما قصة عمر في أمر المرأة فلا دلالة فيها على ما ذكرت. من قبل: أن عليا لم يسكت إلى أن أبرموا الأمر وفرغوا من الكلام في المسألة، وإنما سكت لينظر في جواب القوم ثم لما أجاب القوم، أقبل عليه عمر رضي الله عنه فسأله قبل أن يتكلم علي بشئ وعسى (لو) (2) قد كان عمر أراد أن يأخذ قولهم، أو أن يقف في الحكم، أن يخبره ولا يسكت، ونحن إنما نجعل ترك إظهار الخلاف حجة إذا انتشرت المقالة، وظهرت، واستمر القائلون بها عليها، ثم لا يظهر من غيرهم فيها خلاف، فأما ما داموا في مجلس التشاور والارتياء فيها فجائز - أن يكون الساكت ناظرا في المسألة، مرويا فيها، لم يتجه له فيها شئ، فإذا استمرت الأيام عليه ولم يظهر خلافا مع العناية منهم بأمر الدين وحراسة الأحكام، علمنا (أنهم إنما) (3) لم يظهروا الخلاف لأنهم موافقون لهم.
وأما حديث ابن عباس في العول: فإن ابن عباس قد كان يظهر هذا الخلاف في عهد الصحابة، فإنما منعته مهابة عمر من محاجته، كما يهاب الأحداث (4) ذوي الأسنان، وكيف يجوز أن يكون ابن عباس يمنعه مهابة عمر من الخلاف عليه، وقد كان عمر يقدمه ويسأله مع سائر من كان يسأله من الصحابة، لما عرف من فضل فطنته، ونفاذ بصيرته، وكان يمدحه و يقول: غص يا غواص، ويقول: شنشنة أعرفها من أخزم. (5) يعنى شبهه بالعباس - رضي الله عنه - في فهمه وعقله ودهائه. ومتى كان الناس في تقية من عمر في إظهار الخلاف عليه في مسائل الحوادث؟! وهو قد كان يستدعى منهم الكلام فيها.
قال أبو بكر: وقد كان عيسى ابن أبان يقول: إن ترك النكير لا يدل على الموافقة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف في قصة ذي اليدين بترك الناس النكير عليه في قوله: (أقصرت