فإن قيل: الدليل على وجوبه قوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (1) والفعل يجوز أن يتناوله لفظ الأمر، لأن الأمر يجوز أن يكون عبارة عن شأنه وطريقته. كما قال تعالى (وما أمر فرعون برشيد) (2) وقال تعالى (وأمرهم شورى بينهم) (3) وقال تعالى (قل إن الأمر كله لله) وإذا كان ذلك كذلك تضمن قوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره). (4) النهي عن مخالفته:
في شأنه، وطريقته، وأفعاله، وأحواله (5) فيه.
قيل له: أول ما في هذا: أن إطلاق لفظ الأمر إنما يتناول الأمر الذي هو قول القائل: افعل، ولا يتناول غيره، إلا على وجه المجاز.
والدليل على أن اسم الأمر ينتفي عن هذا القول، إذا أريد به إلزام الفعل بحال، وينتفى لفظ الأمر عن الفعل بأن يقال: الفعل ليس بأمر على الحقيقة.
ألا ترى: أنه يجوز أن يفصل بينهما في اللفظ، ويعطف أحدهما على الآخر، فيقول:
فعل النبي عليه السلام، وأمره صلى الله عليه وسلم، ولو كان الفعل أمرا على الحقيقة - لجاز أن يقال: لكل فعل أمر، ولجاز أن يقال: إن صلاتنا أمر، وقعودنا، وأكلنا، وشربنا، أمر.
ويدل على هذا: أن اللفظ الذي في مقابلة الأمر - وهو النهي - إنما يكون قولا لا فعلا، فكذلك ضده، وما في مقابلته ينبغي أن يكون قولا.
وأيضا: فلو صح أن لفظ الأمر يتناول الفعل لما كان في الآية دلالة على ما ذكرت، لأن الضمير الذي في قوله تعالى: (عن أمره) راجع إلى الله تعالى، دون النبي صلى الله عليه وسلم، لأن (6) حكم الكناية اسم الله تعالى، لأنه قال: (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لو إذا) (7) وقال: