وقال القائلون بما وصفنا: إن هذا ليس بنسخ، لأن ميراثه لم يسقط، وإن كان غيره أولى به منه في هذه الحال، كما أن الأخ من أهل الميراث ولا يرث مع الابن، ولا يكون ميراثه منسوخا عند وجود الابن، كذلك لم يكن له وارث من (ذي رحم) (1) أو ولاء، فإن له أن يضع ميراثه حيث شاء، بحكم الآية التي فيها إيجاب التوارث بالمعاقدة.
قال أبو بكر: والذي نقول في ذلك: وجوب الإرث بالمعاقدة منسوخ لا محالة في حال وجود ذي الرحم، وذلك لأن الله تعالى قد كان أوجبه للحليف مع وجود ذي الرحم، ومع عدمهم، وجعله أولى، (2) فلما قال تعالى بعد ذلك (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين). (3) فقد صرف (4) عنهم في هذه الحال ما كان جعله لهم، إلى غيرهم من ذوي رحم الميت، (5) فأوجب ذلك نسخ ميراث الحليف والمعاقد، في حال وجود ذوي الرحم، وإذا لم يكن ذو رحم: فحكم الإرث قائم بينهما على ما اقتضته الآية، فكأن النسخ إنما ورد على إحدى حالي استحقاق (6) الميراث بالمعاقدة والحلف (وهي حال وجود ذوي الرحم دون غيرها، ونفى هذا الحكم) (7) في الحال التي لا يترك الميت فيها ذا رحم على ما أوجبته الآية الموجبة لميراث الحليف (8) والمعاقدة. (9) ومما يشبه هذا وليس بنسخ قوله تعالى (ليستأذنكم (10) الذين ملكت أيمانكم) (11) الآية. قال ابن عباس: كان الناس لم تكن لهم ستور، فكان خادم الرجل يدخل إليه وهو مع