منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٦٥
المقامين؟.
وقد يوجه بعود النزاع لفظيا، وذلك (لان الشارع بما هو عاقل بل رئيس العقلاء متحد المسلك معهم، إلا إذا أحرز اختلاف مسلكه معهم بما هو شارع، ومجرد الردع الواقعي لا يكون كاشفا عن اختلاف المسلك، ولا يوجب رفع اليد عن اتحاد مسلكه المعلوم منه بما هو عاقل لكل عاقل) وعليه فالمناط استكشاف رضا الشارع بالعمل ببناء العقلاء، ويكفي فيه عدم ثبوت الردع، فإنه بنفسه دليل الامضاء، فلا تهافت بين كلامي المصنف.
لكنه يشكل بأن مجرد عدم الردع لا يكفي في الامضاء، لما تقرر من أن السكوت في ظرف إمكان الردع دليل الامضاء، وإلا فعدم الردع في ظرف عدم إمكانه لا يكشف عنه، ولعل زمان نزول الآيات كان أول زمان يمكن فيه الردع عن مثل ما استقرت عليه سيرة العقلاء في كل ملة ونحلة، فان الردع عن مثله في أوائل البعثة لا يخلو عن صعوبة.
وقد يمنع أصل صلاحية عمومات الكتاب للردع عن السيرة بما في تقرير بحث سيدنا الفقيه الأعظم صاحب الوسيلة (قده) بدعوى (انصراف الآيات عن مثل هذا البناء العقلائي، كسيرتهم على أصالة الصحة عند الشك فيها، وأصالة الفساد عند الشك في الفساد، وكون ذي اليد مالكا عند الشك فيه ونحوها، لعدم كون الآيات في مقام تحريم العمل بغير العلم تعبدا، بل هي صادرة في مقام توبيخ الكفار عن مخالفة العقلاء، فلا يشمل نفس طريقتهم) ولكنه لا يخلو من غموض، إذ بناء على شمول الآيات لفروع الدين وعدم اختصاصها بالأصول - كما هو مبنى الردع - لا وجه لدعوى كونها مسوقة للنهي عن مخالفة طريق العقلاء، إذ لا قرينة فيها على صرف ظهور مثل (ما لم يعلم) عن مدلوله إلى النهي عن مخالفة الطرق العقلائية. وعليه فلا قصور في رادعية الآيات.