منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٦٤
ويمكن أن يقال: ان مفاد أدلة حجية الخبر ان كان إثبات اعتباره من باب الظن النوعي مما يندرج في موضوع عمومات النهي عن اتباع غير العلم توجه كلام الماتن (قده) من دعوى استحالة التخصيص في باب الخبر لاستلزامه الدور، إذ ليس خروجه عنها موضوعيا، فلا بد أن يكون بالتخصيص. وأما سيرة العقلاء على الاستصحاب فحيث انه لا سبيل لاحراز حجيتها فهي ظن مشمول لعموم الآيات.
وان كان مفاد أدلة الاعتبار إمضاء سيرة العقلاء على العمل بخبر الثقة، لكونه مورثا للاطمئنان الذي هو علم عادي، وإنكار التعبد الشرعي، كان خروج الخبر عن عمومات الردع تخصصيا. وحيث إن المصنف (قده) بنى في أوائل بحث الامارات على أن مفاد دليل الاعتبار هو ترتيب آثار الحجة الذاتية على الامارة غير العلمية - لا إثبات اعتبارها من باب الظن النوعي - فاللازم الاعتراف بالتخصص لا التخصيص، ولا يلزم محذور الدور حينئذ، والتهافت بين المقامين مسجل.
نعم ما أفاده المحقق النائيني (قده) من مساواة السيرتين أو أقوائية سيرة الاستصحاب من الخبر يمكن منعه بأن كثرة الخلاف في ثبوت البناء العملي في الاستصحاب أزيد مما هو في بحث الخبر، وذلك يكشف عن عدم تسالمهم عليه فضلا عن أقوائيته، وليته (قده) بين وجه أقوائية بناء العقلاء على الاستصحاب من بنائهم على العمل بخبر الثقة.
وأما على الثاني - أعني دعوى كفاية عدم ثبوت الردع في باب الخبر وعدم كفايته هنا وأن المعتبر هو الامضاء - فبأن المدار في حجية السيرة ان كان على الامضاء المنوط بالوصول، فمع عدم إحرازه لا كاشف عن رضاه ببناء العقلاء.
وان كان على مجرد عدم ثبوت الردع لم يكن الردع المحتمل مانعا عن الاخذ ببنائهم.
والحاصل: أن المناط في اعتبار السيرة سواء أكان عدم ثبوت الردع أم ثبوت الامضاء لم يفرق فيه بين السيرة على الخبر و الاستصحاب، فما هو الفارق بين