أحدهما: عدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد لو كان الشك في البقاء ناشئا عن الشك في ارتفاع الفرد القصير لو كان هو الحادث، ولا يختص المنع بصورة العلم بارتفاع القصير لو كان هو الحادث، لاشتراكهما فيما ذكره في ملاك المنع، وهو عدم الأثر الشرعي للعنوان الاجمالي.
ثانيهما: ان ما ذكره في وجه المنع لا يختص بالاستصحاب بل يعم سائر الأصول.
وعليه، ففي مثل ما لو صلى عند اشتباه القبلة إلى أربع جهات، وعلم بعد الفراغ منها بفساد صلاة معينة منها، فلا يجوز الاكتفاء بالصلوات الباقية في افراغ الذمة، بل تجب إعادة تلك الصلاة، للشك في فساد الصلاة الواقعية منها، ولا يمكن إجراء قاعدة الفراغ في العنوان المردد منها.
واما لو علم بفساد واحدة مرددة منها، فإنه يمكن إجراء قاعدة الشك بعد الفراغ في كل واحدة منها بعينها للشك - في صحتها على تقدير كونها إلى القبلة - فتجرى القاعدة فيها مقيدة بهذا التقدير. ولا ضمير في العلم بمخالفة أحد هذه الأصول للواقع، لاحتمال كون الفاسدة هي المأتي بها إلى غير القبلة فلا علم بالمخالفة العملية (1).
وهذا الوجه قابل للرد والمنع، فان ما ذكره من لزوم تعلق اليقين والشك بالشئ بالعنوان الذي يكون به موضوعا للأثر الشرعي. مجرد دعوى لا نعرف لها وجها أصلا وهو لم يذكره الا بنحو الدعوى. وذلك لان مقتضى اطلاق دليل الاستصحاب وغيره من الأصول هو شموله لمطلق موارد عدم العلم، الا انه حيث إنه يتكفل التعبد بالمشكوك، والتعبد الشرعي لا يمكن ان يتعلق الا بحكم شرعي أو موضوع ذي حكم قيد بواسطة هذه القرينة الخارجية العقلية بلزوم