اما الصحة والفساد فقد تقدم البحث عن تعلق الجعل بهما في مبحث اقتضاء النهي الفساد بنحو مفصل فلا نعيد.
واما الطهارة والنجاسة، فقد ذهب بعض إلى انهما أمران واقعيان كشف عنهما الشارع.
ولكن الصحيح خلافه، وذلك لان مرجع هذه الدعوى إلى كون الطهارة والنجاسة هي الاستقذار العرفي وعدمه، لا انهما موجودان بوجود واقعي مع قطع النظر عن النظر العرفي إذ الاستقذار امر عرفي، ولذا قد تختلف فيه الطبائع.
وعليه، نقول: ان من النجاسات شرعا ما يقطع بعدم جهة واقعية فيه بحيث يختلف واقعا بلحاظ حالتي طهارته ونجاسته، كالكافر، فإنه من المقطوع ان إظهار الشهادتين ليس له دخل واقعي في جسم الكافر بحيث يصير طاهرا به بعد أن كان نجسا وأوضح من هذا مثالا ابن الكافر الذي ينجس ويطهر بتبعية أبيه، مع أنه من المعلوم عدم تأثير اسلام أبيه وكفره في بدنه. كما أن من الأجسام الطاهرة ما هو قذر جزما كلعاب الفم وماء الانف وغير ذلك. اذن فبين ما هو قذر عرفا وليس بقذر، وما هو قذر شرعا وليس بقذر، عموم من وجه، فلا يمكن ان يقال ان الطهارة والنجاسة أمران واقعيان كشف عنهما الشارع، بل هما اعتباريان يتعلق بهما الجعل ويترتب عليهما احكام شرعية.