بوجوده سواء ربط المولى حكمه به أو كان انشاءه مطلقا.
وان كان فرض حكمته انه لا بد ان ينشؤه مقيدا به، فترتب الحكم الفعلي على الشرط ليس منوطا بكيفية الجعل، بل هو تابع لدخالته في المصلحة وهي جهة تكوينية واقعية لا جعلية.
ومنه يتضح الحال على الوجهين الآخرين في حقيقة الحكم التكليفي، فان المراد بالشرط - كما أشرنا إليه - هو ما يمتنع وجود التكليف بدونه بحيث يلزم من عدمه العدم.
وهذه الجهة تتحقق في الشرط بملاحظة كونه دخيلا في الاحتياج إلى الفعل وكونه ذا مصلحة، إذ يمتنع حينئذ تحقق التكليف من المولى الحكيم بدونه ويلزم من عدمه عدم التكليف، والا كان منافيا للحكمة. اذن فانتزاع الشرطية منوط بامر واقعي ولا ربط لكيفية الجعل به أصلا، بل كيفية الجعل من المولى الحكيم تابعة للشرطية الواقعية.
والذي يتحصل: ان شرطية التكليف الصادر من الحكيم - بناء على تبعية الاحكام للمصالح والأغراض العقلائية، كما هو الحق الذي لا يقبل الانكار، والا لما كان وجه للتقييد بشئ دون آخر - منتزعة عن خصوصية واقعية - كما ذهب إليه صاحب الكفاية -، لا عن مقام الجعل والتشريع. وليس في كلامه خلط بين مقام المصلحة ومقام التشريع، بل نظره إلى الشرطية في مقام التشريع والحكم كما عرفت.
كما ظهر مما ذكرنا أن ما أورده المحقق النائيني (رحمه الله) على صاحب الكفاية - من: انه خلط بين مقام الجعل والمجعول، فان شرائط الجعل تكوينية لا تناط بالجعل، واما شرائط المجعول فشرطيتها منتزعة عن كيفية الجعل، ولولا جعل المولى التكليف مقيدا بالشرط لم يعنون بعنوان الشرطية - وقد تبعه عليه