تركيبي - يعني: مركب من ماهية ووجود - ولا ثالث لهما. والمفروض أن ذلك الوجود - أي: الوجود الرابط - سنخ وجود لا ماهية له فلا يكون من أقسام الجوهر، ولا من أقسام العرض، والمفروض أنه ليس في الخارج موجود آخر لا يكون من أقسام الجوهر ولا العرض.
وأما الكلام في المقام الثاني: على تقدير تسليم أن للنسبة والربط وجودا في الخارج في مقابل الجوهر والعرض: فلا نسلم أن الحروف والأدوات موضوعة لها، لما بيناه سابقا: من أن الألفاظ موضوعة لذوات المفاهيم والماهيات، لا للموجودات الخارجية ولا الذهنية، فإن الأولى غير قابلة للإحضار في الذهن، وإلا فلا تكون بخارجية. والثانية غير قابلة للإحضار ثانيا، فإن الموجود الذهني لا يقبل وجودا ذهنيا آخر، والمفروض أن الغرض من الوضع التفهيم والتفهم وهو لا يجتمع مع الوضع للموجود الذهني أو الخارجي، بل لا بد أن يكون الوضع لذات المعنى القابل لنحوين من الوجود.
وبتعبير آخر: أن اللفظ موضوع بإزاء المعنى اللا بشرطي، سواء أكان موجودا في الخارج أم معدوما، ممكنا كان أو ممتنعا. وقد يعبر عنه ب " الصور المرتسمة العلمية " أيضا، وعلى ذلك فلا يمكن أن تكون الحروف موضوعة لأنحاء النسب والروابط، لأنها - كما عرفت - سنخ وجود لا ماهية لها فلا تكون قابلة للإحضار في الذهن. وأما مفاهيم نفس النسب والروابط فهي من المفاهيم الاسمية، وليست مما وضعت لها الحروف والأدوات.
هذا، ولو تنزلنا عن ذلك وسلمنا إمكان وضع اللفظ للموجود بما هو، ولكنا نقطع بأن الحروف لم توضع لأنحاء النسب والروابط، لصحة استعمالها بلا عناية في موارد يستحيل فيها تحقق نسبة ما حتى بمفاد (هل البسيطة) فضلا عن المركبة، فلا فرق بين قولنا: " الوجود للإنسان ممكن " و " لله تعالى ضروري " و " لشريك الباري مستحيل "، فإن كلمة " اللام " في جميع ذلك تستعمل في معنى واحد، وهو: