اللحاظ الاستقلالي فيما وضعت له الأسماء، فكيف يمكن التفرقة بينهما بأن الموضوع له في الحروف جزئي وفي الأسماء كلي؟
الوجه الثالث: أنه يلزمه عدم صحة الحمل، وعدم إمكان الامتثال بدون تجريد الموضوع والمحمول عن التقييد بالوجود الذهني، لعدم انطباق ما في الذهن على ما في العين.
فتحصل: أن المعنى الحرفي وإن كان لا بد من لحاظه آليا، كما أن المعنى الاسمي لا بد من لحاظه استقلالا إلا أن ذلك لم ينشأ من أخذهما في الموضوع له، بل منشأ ذلك هو اشتراط الواضع ذلك في مرحلة الاستعمال، لا بمعنى أنه اشترط ذلك على حذو الشرائط في العقود والإيقاعات، فإنه لا يرجع في المقام إلى معنى محصل:
أما أولا: فلعدم الدليل عليه، وعلى فرض تسليمه فلا دليل على وجوب اتباعه ما لم يرجع إلى قيد الموضوع أو الموضوع له.
وأما ثانيا: فلأنه لو ثبت هذا الاشتراط ولزوم اتباعه لم يستلزم ذلك استهجان استعمال الحرف موضع الاسم، وبالعكس، بل غاية الأمر: أن مخالفة الشرط توجب استحقاق المؤاخذة، وإلا فالعلقة الوضعية على هذا غير مختصة بحالة دون أخرى، بل المراد بالاشتراط: أن العلقة الوضعية في الحروف والأدوات مختصة بحالة مخصوصة، وهي: ما إذا لاحظ المتكلم المعنى الموضوع له في مرحلة الاستعمال آليا، وفي الأسماء بحالة أخرى، وهي: ما إذا لاحظ المعنى في تلك المرحلة استقلالا.
وتوضيح ذلك: هو أن الوضع لما كان فعلا اختياريا للواضع فله تخصيصه بأي خصوصية شاء، فيخصص العلقة الوضعية في الحروف بحالة، وفي الأسماء بحالة أخرى، بل له ذلك في شئ واحد بجعله علامة لإرادة أمرين أو أمور من جهة اختلاف حالاته وطوارئه، كما إذا فرض أن السيد قد تبانى مع عبده أنه إذا