كل مفهوم وتصوره عين إراءة شخصه، لا إراءة شئ آخر به فكيف يكون معرفة لغيره بوجه؟! وعليه فلا يمكن الوضع العام والموضوع له الخاص.
والجواب عنه: أن المفهوم في الجملة بما هو - سواء كان عاما أو خاصا - وإن كان لا يحكي في مقام اللحاظ إلا عن نفسه إلا أن تصور بعض المفاهيم الكلية يوجب تصور أفراده ومصاديقه بوجه.
وتفصيل ذلك: هو أن المفاهيم الكلية المتأصلة - كمفاهيم الجواهر والأعراض: كالحيوان والإنسان والبياض والسواد ونحو ذلك - لا تحكي في مقام اللحاظ والتصور إلا عن أنفسها، وهي الجهة الجامعة بين الأفراد والمصاديق، وكذلك بعض المفاهيم الانتزاعية: كالوجوب والإمكان والامتناع والأبيض والأسود وما شاكلها، فإن عدم حكايتها عن غيرها من الواضحات.
وأما العناوين الكلية التي تنتزع من الأفراد والخصوصيات الخارجية - كمفهوم الشخص والفرد والمصداق - فهي تحكي في مقام اللحاظ عن الأفراد والمصاديق بوجه، وعلى نحو الإجمال، فإنها وجه لها، وتصورها في نفسها تصور لها بوجه وعنوان.
وبتعبير آخر: أن مرآتيتها للأفراد والأشخاص ذاتية لها، فتصورها - لا محالة - تصور لها إجمالا بلا إعمال عناية في البين، فإذا تصورنا مفهوم ما ينطبق عليه مفهوم الإنسان - مثلا - فقد تصورنا جميع أفراده بوجه، ومن ثم جاز الحكم عليها في القضية الحقيقية، فلو لم يحك المفهوم عن أفراده لاستحال الحكم عليها مطلقا، مع أن الاستحالة واضحة البطلان.
الجهة الرابعة: في الوضع الخاص والموضوع له العام، وهو أن يتصور الواضع حين إرادة الوضع معنى خاصا - أي: ما يمتنع فرض صدقه على كثيرين - فيضع اللفظ بإزاء معنى كلي.
ولكن على ضوء ما ذكرناه في الجهة الثالثة قد تبين عدم إمكان ذلك، فإن