تعلق الإمضاء بنفسه في مثل قوله تعالى: * (أحل الله البيع) * و * (أوفوا بالعقود) *، وقوله (صلى الله عليه وآله): * (النكاح سنتي) * ونحو ذلك، فإن المعنى حينئذ: هو أن الله أحل البيع الذي أحله، وأوجب الوفاء بالعقد الذي أوجب الوفاء به، وأن النبي (صلى الله عليه وآله) سن النكاح الذي سنه، وهكذا...
وإن كان ربما يظهر من كلام المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) في مبحث النهي عن المعاملات، حيث قال - بعد ما حكى عن أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي على الصحة -: والتحقيق أنه في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبيب لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالأمر، ولا يكاد يقدر عليهما إلا فيما إذا كانت المعاملة مؤثرة صحيحة (1).
وكيف كان، فاحتمال أن يكون المسبب هو الإمضاء الشرعي فاسد قطعا، وعلى جميع التقادير المذكورة لا يتم إشكال عدم التلازم بين إمضاء المسبب وإمضاء سببه.
أما بناء على أن يكون المسبب عبارة عن الاعتبار القائم بالنفس فلا محالة يتعدد المسبب بتعدد مبرزه خارجا، مثلا: لو اعتبر زيد ملكية داره لشخص فأبرزها باللغة العربية، واعتبر ملكية بستانه لآخر فأبرزها باللغة الفارسية، واعتبر ملكية فرسه لثالث فأبرزها بالمعاطاة، واعتبر ملكية كتابه لرابع فأبرزها بالكتابة أو الإشارة فهنا اعتبارات متعددة خارجا، وكل واحد منها يباين الآخر لا محالة وإن كان الجميع صادرا من شخص واحد فضلا عما إذا صدر عن أشخاص متعددة، كما إذا باع زيد فرسه بالصيغة العربية، وباع عمرو داره بالصيغة الفارسية، وباع ثالث كتابه بالمعاطاة، وهكذا...، حيث لا شبهة في أن الاعتبار القائم بزيد المبرز في الخارج بالصيغة العربية يباين كلا من الآخرين، وكذا كل واحد منها بالإضافة إلى الآخرين.