نعم، لو شككنا في اعتبار شئ فيها عرفا كاعتبار المالية - مثلا - أو نحوها فلا يمكننا التمسك بالإطلاق، لعدم إحراز صدق البيع على فاقد المالية، أو نحوها. هذا بناء على القول بالصحيح.
وأما بناء على الأعم فلا مانع من التمسك بالإطلاق حتى إذا كان الشك في اعتبار شئ فيها عرفا، إلا فيما إذا كان الشك في دخله في المسمى.
وصفوة القول: إن حال المعاملات عند العرف حال العبادات عند الشارع المقدس، فكما أن ثمرة جواز الأخذ بالإطلاق وعدم جوازه تظهر بين القولين في العبادات فكذلك تظهر بينهما في المعاملات، وإنما تنتفي الثمرة بين القولين فيها، أي: المعاملات لو شككنا في اعتبار جزء أو قيد فيها شرعا لا عرفا فإنه يجوز - حينئذ - التمسك بالإطلاق مطلقا حتى على القول بالوضع للصحيح كما مر (1).
وربما يورد: بأن حديث التمسك بالإطلاق في المعاملات إنما يتم فيما لو كانت المعاملات أسامي للأسباب دون المسببات، فإنه - حينئذ - مجال للتمسك بإطلاق قوله تعالى: * (أحل الله البيع) * و * (تجارة عن تراض) * ونحوهما لإثبات إمضاء كل سبب عرفي إلا ما نهى عنه الشارع.
وأما لو كانت المعاملات أسامي للمسببات فالإمضاء الشرعي المتوجه إليها لا يدل على إمضاء أسبابها، لعدم الملازمة بين إمضاء المسبب - وهو المبادلة في البيع وما شاكلها - وإمضاء السبب وهو المعاطاة أو الصيغة الفارسية مثلا.
ومن الواضح أن أدلة الإمضاء جميعا من الآيات والروايات متجهة إلى إمضاء المسببات، ولا تنظر إلى إمضاء الأسباب أصلا، ضرورة أن الحلية في قوله تعالى:
* (أحل الله البيع) * ثابتة لنفس المبادلة والملكية في مقابل تحريمها، ولا معنى لحلية نفس الصيغة أو حرمتها. ووجوب الوفاء في قوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) *