المسببات فلم يكن هناك موجودان خارجيان مترتبان كي لا يكون إمضاء أحدهما إمضاء للآخر، بل الموجود واحد.
غاية ما في الباب: أنه باختلاف الآلة ينقسم إلى أقسام عديدة، فالبيع المنشأ بالمعاطاة قسم، وبغيرها قسم آخر، وباللفظ العربي قسم، وبغير العربي قسم آخر، وهكذا...، فإذا كان دليل إمضاء البيع - مثلا - في مقام البيان ولم يقيده بنوع دون نوع فيستكشف منه عمومه لجميع الأقسام والأنواع، كما في بقية المطلقات حرفا بحرف. هذا ما أجاب به (قدس سره) عن الإشكال.
ولكن لا يمكن المساعدة على ما أفاده (قدس سره)، وذلك لعدم الفرق في محل الكلام بين أن يعبر عن صيغ العقود بالأسباب أو يعبر عنها بالآلات، فإن أدلة الإمضاء إذا لم تكن ناظرة إلى إمضاء تلك الصيغ فلا يفرق بين كونها أسبابا أو آلة، ولا أثر للاختلاف في مجرد التعبير.
ومن الغريب أنه (قدس سره) قد استدل على شمول أدلة الإمضاء لصيغ العقود بأن الآلة وذيها ليسا كالسبب والمسبب يمتاز أحدهما من الآخر في الوجود، بل هما موجودان بوجود واحد، فإمضاء ذي الآلة يلازم إمضاء الآلة لا محالة.
وجه الغرابة: أنه لا ريب في تعدد وجود الصيغ ووجود ما يعبر عنه بالمسببات في باب المعاملات، فإن المسببات هي الأمور الاعتبارية النفسانية التي لا وجود لها إلا في عالم الاعتبار، والأسباب عبارة عن الأفعال والألفاظ، وهما من الموجودات الحقيقية الخارجية، سواء عبر عنها بالأسباب أو بالآلات، فكما أن إمضاء المسبب لا يلازم إمضاء السبب فكذلك إمضاء ذي الآلة لا يلازم إمضاء الآلة، لعدم تفاوت بينهما إلا في التعبير.
وعليه، فلا بد من الاقتصار على القدر المتيقن على كل تقدير، فلو شك في حصول مسبب كالملكية أو نحوها من سبب خاص كالمعاطاة - مثلا - أو بغير العربي أو نحو ذلك فمقتضى الأصل عدم حصوله إلا إذا كان له سبب واحد، فإن