ومن هنا يظهر فساد ما ربما يورد (1) على الشهيد (قدس سره) حيث قال: إن الماهيات الجعلية: كالصلاة والصوم وسائر العقود حقيقة في الصحيح، ومجاز في الفاسد إلا الحج، لوجوب المضي (2) فيه. مع أنه (قدس سره) كغيره يتمسك بإطلاقات المعاملات، والحال أن الصحيحي لا يمكنه التمسك بها لإجمال الخطاب.
ووجه الفساد هو ما عرفت: من أنه لا مانع من التمسك بإطلاقات المعاملات على القول بالصحيح كما عرفت.
وعلى الجملة: فالمعاملات المأخوذة في موضوع أدلة الإمضاء - كالبيع ونحوه - معاملات عرفية عقلائية، ولم يتصرف الشارع فيها أي تصرف لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى، بل أمضاها بما لها من المفاهيم التي قد استقر عليها الفهم العرفي وتكلم بالألفاظ التي كانت متداولة بينهم في محاورتهم قبل الشريعة الإسلامية، فحينئذ إن شك في اعتبار أمر زائد على ما يفهمه العرف والعقلاء فنتمسك بإطلاق الأدلة وننفي بذلك اعتباره كما أنه لم يكن معتبرا عند العرف، إذ لو كان معتبرا للزم على الشارع المقدس بيانه، وحيث إنه (صلى الله عليه وآله) كان في مقام البيان ولم يبين فعلم عدم اعتباره.
ومن هنا تفترق المعاملات عن العبادات، فإن العبادات حيث إنها ماهيات مخترعة عند الشارع بجميع أجزائها وشرائطها فلو كانت موضوعة للصحيحة يمكننا التمسك بإطلاقاتها عند الشك في جزئية شئ أو شرطيته، لاحتمال دخله في المسمى كما سبق. وهذا بخلاف المعاملات فإنها ماهيات مخترعة عند العرف، فلو شككنا في اعتبار شئ فيها شرعا فيكون الشك في أمر زائد على ما كان معتبرا عندهم، وفي مثله لا مانع من التمسك بالإطلاق ولو على القول بكونها موضوعة للصحيحة.