إلى التصادم في مرحلة الظهور، أو كون دليل الحاكم متعرضا لحيثية من حيثيات دليل المحكوم مما لا يتكفله دليل المحكوم توسعة وتضييقا.
وبما ذكرنا من الضابط يظهر وجه تقديم الأمارات على الأصول.
لكن لابد من التعرض لنكتة: وهي أن الحكومة لم تكن بين نفس الأمارات والأصول، بل تكون بين دليليهما، فالحكومة إنما تتقوم بكيفية التأدية ولسان الدليل، فلم تكن بين الأدلة اللبية الصرفة. نعم قد يكون أحد الدليلين اللبيين واردا على الدليل الآخر اللبي، لكن الدليل الحاكم لابد وأن يكون دليلا لفظيا يتصرف في المحكوم نحو تصرف، على ما فصلناه سالفا.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن أدلة الأمارات مختلفة: فقد يكون دليلها هو البناء العقلائي أو الإجماع، مثل أصالة الصحة في فعل الغير بناء على أماريتها، فإن دليلها السيرة العقلائية أو الإجماع، دون الدليل اللفظي، فتقديم دليلها على الاستصحاب لم يكن بنحو الحكومة، بل بنحو الورود أو التخصيص أو غير ذلك، وسيأتي في محله (1).
ومثل أدلة حجية خبر الثقة، فإنها مختلفة، فإن كان المستند هو مفهوم آية النبأ - بناء على المفهوم - فلا يبعد أن يكون بنحو الحكومة، لأن [مفهوم] قوله: * (إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة) * (2) أن خبر العادل