فعلى الأول يلزم أن يكون غالب الشبهات المحصورة من غيرها، وعلى الثاني يلزم أن يكون غالب الشبهات الغير المحصورة من المحصورة، فإنه قلما يتفق عدم إمكان الجمع بين الأطراف ولو في ستين سنة، فلو كان جميع الأطراف في محل الابتلاء، وتمكن المكلف من جمعها في الاستعمال ولو تدريجا في سنين متمادية، كانت الشبهة - بناء على هذا الضابط - محصورة، وهذا مما لا يمكن الالتزام به.
لا يقال: إن ارتكاب جميع الأطراف في السنين المتمادية مما لا يمكن نوعا، لفقدان بعض الأطراف في طول المدة لا محالة. مع أن تأثير العلم في التدريجيات محل إشكال.
فإنه يقال: - مضافا إلى أن فرض الفقدان خلاف المفروض - إن فقدان بعض الأطراف بعد العلم لا يضر بتنجز العلم الإجمالي في بقية الأطراف.
وتأثير العلم في التدريجي من حيث الاستعمال مما لا إشكال فيه، وفي التدريجي من حيث الوجود - أيضا - مؤثر على الأقوى.
وأما ثانيا: فلأن الميزان في تأثير العلم الإجمالي هو فعلية التكليف، وعدم استهجان الخطاب، والفرض أن مورد التكليف يكون محل الابتلاء، لأن كل واحد من الأطراف مما يمكن استعماله ويكون محل الابتلاء، فتعلق التكليف به مما لا مانع منه، وأما الجمع بين الأطراف وعدمه فمما لا يكون متعلقا لخطاب وتكليف، وإنما هو حكم العقل في أطراف العلم الإجمالي لاغير، فما يكون متعلق التكليف يكون المكلف متمكنا من إتيانه، لأنه متمكن