الحقيقية التي يكون بحذائها شئ في الخارج فلا تقبل الوجود الانشائي لإباء الأمور الحقيقية هذا النحو من الوجود بخلاف الطلب فان له معنى قابلا لان يوجد بالانشاء وهو البعث و التحريك، (وبعبارة أخرى) الموجودات على قسمين (الأول) ما يكون له وجود حقيقي في الخارج بحيث يكون بإزائه شئ فيه كالانسان والحيوان والبياض ونحوها (الثاني) ما لا يكون كذلك بل يكون وجوده بوجود منشأ انتزاعه، وهذا القسم يسمى بالأمور الانتزاعية، وهي أيضا على قسمين (الأول) ما ينتزع عن الأمور الحقيقية بحيث لا يحتاج في انتزاعه إلى فرض الفارضين واعتبار المعتبرين كالفوقية والتحتية والأبوة والبنوة ونحوها (الثاني) ما ينتزع عن الاعتبارات والانشاءات كالملكية والزوجية والسلطنة والحكومة ونحوها، فهذه أقسام ثلثة، والقسم الأول والثاني لا يقبلان الانشاء، وما يقبله هو القسم الثالث، ومفهوم الإرادة (التي هي صفة من صفات النفس) من القسم الأول فلا تقبل الانشاء بخلاف الطلب فان له معنى قابلا لان ينشأ، إذ ليس معناه سوى البعث و التحريك نحو العمل، وكما انهما يحصلان بالتحريك الفعلي بان يأخذ الطالب بيد المطلوب منه ويجره نحو العمل المقصود فكذلك يحصلان بالتحريك القولي بان يقول الطالب: اضرب أو اطلب منك الضرب أو آمرك بكذا مثلا، فقول الطالب: (افعل كذا)، بمنزلة أخذه بيد المطلوب منه وجره نحو العمل المقصود، (والحاصل) ان حقيقة الطلب مغايرة لحقيقة الإرادة، فان الإرادة من الصفات النفسانية بخلاف الطلب، فإنه عبارة عن تحريك المطلوب منه نحو العمل المقصود: اما تحريكا عمليا مثل ان يأخذ الطالب بيده ويجره نحو المقصود أو تحريكا انشائيا مثل افعل كذا، ولا ارتباط لهذا المعنى (بكلا قسميه) بالإرادة التي هي من صفات النفس (نعم) الطلب (بكلا معنييه) مظهر للإرادة ومبرز لها، فمن أراد من عبده تحقق فعل خاص أو وجود مقدماته بقصد التوصل بها إلى الفعل، قد يحركه نحو الفعل تحريكا عمليا، وقد يقول له (افعل كذا) مريدا بهذا القول تحقق ذاك التحريك، فمفاد افعل تحريك تنزيلي يعبر عنه بالطلب الانشائي. (ولا يتوهم) مما ذكرنا (من اختلاف الطلب والإرادة مفهوما) موافقتنا الأشاعرة، إذ نزاع الأشاعرة مع العدلية (كما بيناه) ليس في اختلاف الإرادة والطلب مفهوما أو اتحادهما كذلك بل في وجود صفة نفسانية أخرى في
(٨١)