ذا مصلحة له ولكن كان مخلا بالنظام الأكمل فكان موردا للإرادة التشريعية دون التكوينية) فلا محيص (ح) عن أن يختار الكفر والعصيان.
(ثم استشكل) بأنه إذا كان الكفر والعصيان والإطاعة والايمان بسبب ارادته التكوينية التي لا تتخلف، فكيف يصح التكليف المشروط بالاختيار؟ لخروجها (على هذا) من الاختيار. (وأجاب عنه) بأنه لم يتعلق ارادته (تعالى) التكوينية بصرف صدور الأفعال عن المكلفين بل تعلقت بصدورها عنهم مسبوقة بإرادتهم، فما أراد منهم بالإرادة التكوينية هو ان يريدوا ويفعلوا.
(ثم استشكل ثانيا) بأنه وان كان صدور الأفعال عنهم مسبوقا بإرادتهم واختيارهم الا انها منتهية بالآخرة إلى ارادته تعالى والا لتسلسل، فخرجت من كونها اختيارية، و (ح) فكيف المؤاخذة.
(وأجاب عنه) بان المؤاخذة من تبعات الكفر والعصيان المسبوقين بالاختيار الناشئ من مقدماته الناشئة من الشقاوة الذاتية، (إلى آخر ما كتبه حتى انكسر قلمه).
(أقول): الورود في هذا الميدان والاشتغال بمصارعة الفرسان خطير، ورب ذهن صاف لا نرضى ان نورده في هذا البحر العميق الذي لا ينجو منه الا الأوحدي من الناس، فلنشر إشارة اجمالية إلى ما قيل في جواب ما ذكر من الاشكال، ثم نخرج من هذا المبحث، (فنقول) قال الحكيم القدوسي المحقق الطوسي (قده) في مقام الجواب عن هذا الاشكال (أي إذا كان الكفر والعصيان والإطاعة والايمان مسبوقة بإرادته تعالى أو علمه بالنظام الأتم الأكمل فكيف التكليف المشروط بالاختيار): بان العلم تابع للمعلوم لان المعلوم تابع للعلم.
(وأوردوا) عليه ايرادا واضح الورود فقالوا: ان العلم الذي هو تابع للمعلوم عبارة عن العلم الانفعالي لا العلم الفعلي الذي هو علة لوجود المعلوم في الخارج، وكلامنا في المقام في علمه (تعالى) الذي هو عين ارادته الأزلية التي بها وجد كل شئ ويوجد من البدو إلى الختم.
(والظاهر) ان هذا المعنى بلغ من الظهور والوضوح درجة لا يمكن ان يقال إنه خفى على مثل ذلك المحقق، فالأولى ان نوجه كلامه بحيث لا يرد عليه هذا الايراد.
(فنقول): لا يخفى ان المراد من النظام الأتم الأكمل الذي يكون متعلقا لإرادته تعالى