(وبه نستعين) ان المركبات على قسمين.
(القسم الأول) ما يكون تركيبه انضماميا ومعنى التركيب الانضمامي أن يكون كل جزء من اجزاء المركب موجودا مستقلا مغايرا للجزء الاخر في مقام الوجود والتحصل، ولكن اعتبر اتحادهما فتكون وحدة المركب وحدة اعتبارية مثل الدار والمدرسة مثلا، فان كل واحد من اجزائهما مغاير لسائر الاجزاء حقيقة، ولكن عين الاعتبار تنظر إلى جميع الاجزاء بنظر الوحدة، ففي هذا القسم من التركيب لا يصح حمل بعض الاجزاء على غيره ولا حملها على الكل ولا حمل الكل عليها، لان مناط الحمل هي الهوهوية والاتحاد بحسب الوجود والمفروض عدمها في المقام. (القسم الثاني) ما يكون تركيبه اتحاديا، ومعنى ذلك أن يكون وجود بعض الاجزاء في الخارج عين وجود غيره من الاجزاء الاخر وتحصله بعين تحصلها فيكون وحدة الاجزاء وحدة حقيقية وتغايرها بحسب الاعتبار كالانسان مثلا، فإنه مركب من الحيوانية والناطقية ولكنهما موجودتان بوجود واحد.
(ثم إن) كل واحد من الاجزاء في هذا القسم (أعني التركيب الاتحادي) يمكن ان يلحظ على نحوين (الأول) ان يلحظ بنحو الابهام في التحصل، بحيث يحتمل اللاحظ ويجوز في لحاظه هذا أن يكون تمام تحصل هذا الجزء ما هو الملحوظ فعلا، وأن يكون ناقصا في تحصله ومتحدا مع غيره فيه بحيث يكون تحصله بعين تحصل ذلك الغير.
(الثاني) ان يلحظ تام التحصل بنحو يرى اللاحظ في لحاظه هذا ان تمام هذا الجزء ما هو الملحوظ فعلا فيكون ملحوظا بحد جزئيته بحيث انه ان لحقه غيره كان يراه من منضماته وملحقاته لا من متممات تحصله فان لحظ بالنحو الأول صح حمل كل جزء على سائر الاجزاء وحملها على الكل وحمل الكل عليها بخلاف ما إذا الحظ بالنحو الثاني (ولنذكر لوضوح المطلب مثالا) وهو انك إذا كنت في بيروت واقفا على ساحل البحر الأبيض وناظرا إلى الماء الذي يكون منه بمد نظرك، فقد تكون ناظرا إلى الماء (الذي بمد نظرك) محدودا بالحدود المعينة المرئية من الطول والعرض بحيث لو سافرت من بيروت إلى جبل الطارق مثلا ورأيت اتصال مائه بما رأيته أولا في بيروت، حكمت بان ما رايته ثانيا مغاير لما رأيته أولا ولكنه منضم إليه ومتصل به، ولا تحكم بأنه عينه.